ذوي رحمها، يشهدان أنها المدَّعَى عليها، ثم يحكم بينهما، فإن لم تكن له بينة التحفت بجلبابها، وأُخرجت منْ وراء الستر لموضع الحاجة، وما ذكرناه أولى إن شاء الله؛ لأنه أستر لها، وإذا كانت خَفِرَة منعها الحياء منْ النطق بحجتها، والتعبير عن نفسها، سيما مع جهلها بالحجة، وقلة معرفتها بالشرع وحججه. انتهى "المغني" ١٤/ ٣٩ - ٤٠.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول الأول، وهو مشروعيّة الاستعداء هو الصواب؛ لحديث الباب؛ فإن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لَمّا استعداه عبّاد بن شَراحيل -رضي الله عنه- عَلَى صاحب الحائط أجابه، فأرسل إليه، فجاء، فأخذ له حقّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: إن استعدى عَلَى الحاكم المعزول لم يُعدِه، حَتَّى يعرف ما يدعيه، فيسأله عنه، صيانة للقاضي عن الامتهان، فإن ذَكَر أنه يدعي عليه حقا منْ دين، أو غصب أعداه، وحكم بينهما، كغير القاضي، وكذلك إن ادعى أنه أخذ منه رشوة عَلَى الحكم؛ لأن أخذ الرشوة عليه لا يجوز، فهي كالغصب، وإن ادعى عليه الجور فِي الحكم، وكان للمدعي بينة أحضره، وحكم بالبينة، وإن لم يكن معه بينة ففيه وجهان:[أحدهما]: لا يُحضِره؛ لأن فِي إحضاره وسؤاله امتهانا له، وأَعداءُ القاضي كثير، وإذا فعل هَذَا معه لم يؤمن ألا يدخل فِي القضاء أحد؛ خوفا منْ عاقبته. [والثاني]: يُحضره لجواز أن يعترف، فإن حضر واعترف حكم عليه، وإن أنكر فالقول قوله، منْ غير يمين؛ لأن قول القاضي مقبول بعد العزل كما يقبل فِي ولايته، وإن ادعى عليه أنه قتل ابنه ظلما، فهل يستحضره منْ غير بينة فيه وجهان: فإن أحضره فاعترف حكم عليه، وإلا فالقول قوله. وإن ادعى أنه أخرج عينا منْ يده بغير حق، فالقول قول الحاكم منْ غير يمين، ويقبل قوله للمحكوم له بها. قاله فِي "المغني" ١٤/ ٤٢. وهو بحث نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".