للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَتَأْمُرُنِي؟) زاد فِي رواية الإسماعيليّ: قَالَ: لا"، وفيه إشعار بأن الأمر لا ينحصر فِي صيغة الفعل؛ لأنه خاطبها بقوله: "لو راجعته، فقالت: أتامرني": أي تريد بهذا القول الأمر، فيجب عليّ؟، وعند ابن مسعود منْ مرسل ابن سيرين بسند صحيح: "فقالت: يا رسول الله، أشيء واجب عليّ؟ قَالَ: لا" (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّمَا أَنَا شَفِيعٌ) وفي رواية ابن ماجه: "إنما أنا أشفع": أي أقول ذلك عَلَى سبيل الشفاعة له، لا عَلَى سبيل الأمر الحتم عليك (قَالَتْ) بريرة (فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ) أي فإذا لم تُلزمني بذلك، لا أختار العود إليه، وزاد فِي رواية للبخاريّ: "وخُيّرت، فاختارت نفسها، وقالت: لو أعطيت كذا وكذا ما كنت عنده". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٢٨/ ٥٤١٩ - وفي "الكبرى" ٣٢/ ٥٩٧٨. وأخرجه (خ) فِي "الطلاق" ٥٢٨٠ و٥٢٨١ و٥٢٨٢ و٥٢٨٣ (د) فِي "الطلاق"٢٢٣١ و٢٢٣٢ (ت) فِي "الرضاع" ١١٥٦ (ق) فِي "الطلاق" ٢٠٧٥ (أحمد) فِي "مسند بني هاشم" ١٨٤٧ و٢٥٣٨ و٣٣٩٥ (الموطأ) فِي "الطلاق" ٣١٩٠. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان استحباب شفاعة الحاكم فِي الرفق بالخصم حيث لا ضرر، دون إلزام. (ومنها): أنه لا لوم عَلَى الخصم فِي عدم قبوله الشفاعة، ولا غضب عليه، ولو عظم قدر الشافع. (ومنها): أنه لا يجب عَلَى المشفوع عنده قبول الشفاعة. (ومنها): جواز الشفاعة قبل أن يسأل المشفوع له؛ لأنه لم يُنقل أن مغيثًا سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن يشفع له، كذا قيل: لكن ورد فِي بعض طرق الْحَدِيث أن العبّاس -رضي الله عنه- هو الذي سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي ذلك، فيحتمل أن يكون مغيث سأل العبّاس فِي ذلك، ويحتمل أن يكون العبّاس ابتدأ منْ قبل نفسه؛ شفقةً منه عَلَى مغيث. (ومنها): استحباب إدخال السرور عَلَى قلب المؤمن. (ومنها): تنبيه الصاحب صاحبه عَلَى الاعتبار بآيات الله تعالى، وأحكامه؛ لتعجيب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- العبّاس منْ حبّ مغيث بريرة. (ومنها): حسن أدب بريرة رضي الله تعالى عنها؛ حيث إنها لم تفصح بردّ الشفاعة، بل قالت: "لاحاجة لي فيه". (ومنها): أن فرط المحبّة يُذهب الحياء.