للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سفيان كَانَ مشهورا بكنيته، دون اسمه، فلا يدلّ قولها: إن أبا سفيان عَلَى إرادة التعظيم. (ومنها): جواز استماع كلام أحد الخصمين فِي غيبة الآخر. (ومنها): أن منْ نسب إلى نفسه أمرا عليه فيه غضاضة، فليقرُنه بما يقيم عذره فِي ذلك. (ومنها): جواز سماع كلام الأجنبية عند الحكم والافتاء، عند منْ يقول: إن صوتها عورة، ويقول: جاز هنا للضرورة.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول يكون صورة المرأة عورة قول ضعيف، كما سبق بيانه فِي غير موضع، فتبصّر. والله تعالى أعلم.

(ومنها): أن القول قول الزوجة فِي قبض النفقة؛ لأنه لو كَانَ القول قول الزوج: إنه منفق، لكلفت هذه البينة عَلَى إثبات عدم الكفاية. وأجاب المازري عنه بأنه منْ باب تعليق الفتيا، لا القضاء. (ومنها): وجوب نفقة الزوجة، وأنها مقدرة بالكفاية، وهو قول أكثر العلماء، وهو قول للشافعي، حكاه الجوينى، والمشهور عن الشافعيّ، أنه قدرها بالأمداد، فعلى الموسر كل يوم مُدّان، والمتوسط مُدٌّ ونصف، والمعسر مد، وتقريرها بالأمداد رواية عن مالك أيضاً، قَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم": وهذا الْحَدِيث حجة عَلَى أصحابنا.

قَالَ الحافظ: وليس صريحا فِي الرد عليهم، لكن التقدير بالأمداد محتاج إلى دليل، فإن ثبت حملت الكفاية فِي حديث الباب عَلَى القدر المقدر بالأمداد، فكأنه كَانَ يعطيها، وهو موسر ما يعطي المتوسط، فأذن لها فِي أخذ الكمية، وَقَدْ اختُلف فِي ذلك.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: تعقّب الحافظ عَلَى النوويّ مما لا وجه له؛ فإن النوويّ إنما اعترض عَلَى أصحابه لعدم وجود دليل يدلّ عَلَى التقدير بالأمداد، وَقَدْ اعترف الحافظ نفسه بذلك، فكيف يتأتّى له التعقّب بالاحتمال؟، فتبصّر. والله تعالى أعلم.

(ومنها): اعتبار النفقة بحال الزوجة، وهو قول الحنفية، واختار الخصاف منهم أنها معتبرة بحال الزوجين معا، قَالَ صاحب "الهداية": وعليه الفتوى، والحجة فيه ضم قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الآية [الطلاق: ٧] إلى هَذَا الْحَدِيث. وذهبت الشافعيّة إلى اعتبار حال الزوج؛ تمسكا بالآية، وهو قول بعض الحنفية.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول الأول هو الظاهر؛ لقوّة دليله. والله تعالى أعلم.

(ومنها): وجوب نفقة الأولاد بشرط الحاجة، والأصح عند الشافعيّة اعتبار الصغر، أو الزمانة. (ومنها): وجوب نفقة خادم المرأة عَلَى الزوج، قَالَ الخطّابيّ: لأن أبا سفيان كَانَ رئيس قومه، ويبعد أن يمنع زوجته وأولاده النفقة، فكأنه كَانَ يعطيها قدر كفايتها وولدها، دون منْ يخدمهم، فأضافت ذلك إلى نفسها؛ لأن خادمها داخل فِي جملتها.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الخطّابيّ محلّ نظر، فليتأمّل. والله تعالى أعلم.

وَقَالَ الحافظ: ويحتمل أن يُتمسك لذلك بقوله فِي بعض طرقه: "أن أطعم منْ الذي له عيالنا".