للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ادعى رجل عَلَى حاضر، أنه اشترى منْ غائب ما فيه شفعة، وأقام بينة بذلك حكم له بالبيع والأخذ بالشفعة، ولو مات المدَّعَى عليه، فحضر بعض ورثته، أو حضر وكيل الغائب، وأقام المدعي بينة بذلك حكم له بما ادعاه.

إذا ثبت هَذَا فإنه إن قدم الغائب قبل الحكم وقف الحكم عَلَى حضوره، فإن جَرَحَ الشهود لم يحكم عليه، وإن استنظر الحاكم أجله ثلاثاً، فإن جرحهم وإلا حكم عليه، وإن ادعى القضاء أو الإبراء فكانت له بينة برىء، وإلا حَلّف المدعي وحكم له، وإن قدم بعد الحكم فجرح الشهود بأمر كَانَ قبل الشهادة بطل الحكم، وإن جرحهم بأمر بعد أداء الشهادة أو مطلقًا لم يبطل الحكم، ولم يقبله الحاكم؛ لأنه يجوز أن يكون بعد الحكم فلا يقدح فيه، وإن طلب التأجيل أجل ثلاثاً، فإن جرحهم وإلا نفذ الحكم، وإن ادعى القضاء أو الإبراء، فكانت له به بينة، وإلا حلف الآخر ونفذ الحكم. انتهى "المغني" ١٤/ ٩٣ - ٩٥.

وَقَالَ فِي "الفتح" فِي "كتاب الأحكام" ١٥/ ٧٧ - ٧٨: قَالَ ابن بطال: أجاز مالك، والليث، والشافعي، وأبو عبيد، وجماعة الحكم عَلَى الغائب، واستثنى ابن القاسم عن مالك ما يكون للغائب فيه حجج، كالأرض والعقار، إلا إن طالت غيبته، أو انقطع خبره، وأنكر ابن الماجشون صحة ذلك عن مالك، وَقَالَ: العمل بالمدينة عَلَى الحكم عَلَى الغائب مطلقٌ، حَتَّى لو غاب بعد أن توجه عليه الحكم، قُضي عليه، وَقَالَ ابن أبي ليلى، وأبو حنيفة: لا يُقضَي عَلَى الغائب مطلقًا، وأما منْ هرب، أو استتر بعد إقامة البينة، فينادي القاضي عليه ثلاثاً، فإن جاء وإلا أنفذ الحكم عليه، وَقَالَ ابن قدامة أجازه أيضاً ابن شُبْرمة، والأوزاعي، وإسحاق، وهو أحد الروايتين عن أحمد، ومنعه أيضاً الشعبي، والثوري، وهي الرواية الأخرى عن أحمد، قَالَ: واستثنى أبو حنيفة منْ له وكيل مثلا، فيجوز الحكم عليه بعد الدعوى عَلَى وكيله، واحتج منْ منع بحديث عليّ -رضي الله عنه- رفعه: "لا تَقْضِي لأحد الخصمين حَتَّى تسمع منْ الآخر"، وهو حديث حسن أخرجه أبو داود، والترمذي، وغيرهما، وبحديث الأمر بالمساواة بين الخصمين، وبأنه لو حضر لم تسمع بينة المدعي حَتَّى يسال المدعى عليه، فإذا غاب فلا تسمع، وبأنه لو جاز الحكم مع غيبته لم يكن الحضور واجبا عليه. وأجاب منْ أجاز بأن ذلك كله لا يمنع الحكم عَلَى الغائب؛ لأن حجته إذا حضر قائمة، فتُسمع، ويعمل بمقتضاها، ولو أدى إلى نقض الحكم السابق، وحديث عليّ -رضي الله عنه- محمول عَلَى الحاضرين. وَقَالَ ابن العربي: حديث عليّ إنما هو مع إمكان السماع، فاما مع تعذره بمغيب، فلا يمنع الحكم كما لو تعذر بإغماء، أو جنون، أو حجر، أو صغر، وَقَدْ عمل الحنفية بذلك فِي الشفعة، والحكم عَلَى منْ عنده للغائب مال أن يدفع منه نفقة زوج الغائب، ثم ذكر