للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسلمًا، فإن كَانَ كافرًا، فأفعل التفضيل فِي حقّه عَلَى حقيقتها فِي العموم، وإن كَانَ مسلمًا، فسبب البغض أن كثرة المخاصمة تُفضي غالبًا إلى ما يُذمّ صاحبه، أو يخصّ فِي حقّ المسلمين بمن يُخاصم فِي باطل، ويشهد للأول حديث: "كفى بك إثمًا أن لا تزال مخاصمًا"، أخرجه الطبرانيّ، عن أبي أُمامة بسند ضعيف، وورد الترغيب فِي ترك المخاصمة، فعند أبي داود منْ طريق سليمان بن حبيب، عن أبي أُمامة -رضي الله عنه-، رفعه: "أنا زعيم ببيت فِي رَبَض الجنّة لمن ترك المراء، وإن كَانَ محقًا"، وله شاهد عند الطبرانيّ منْ حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه-. و"الربض" -بفتح الراء، والموحّدة، بعدها ضاد معجمة: الأسفل. انتهى "فتح " ١٥/ ٨٩. (إِلَى اللهِ الْأَلدُّ الْخَصِمُ) بفتح المعجمة، وكسر الصاد المهمدة: فسره البخاريّ رحمه الله تعالى بأنه الدائم الخصومة.

وَقَالَ ابن المنيّر رحمه الله تعالى: "الألدّ": مشتقّ منْ اللدد، وهو الاعوجاج والانحراف عن الحقّ، وأصله منْ اللديد، وهو جانب الوادي، ويُطلق عَلَى جانب الفم، ومنه "اللدود"، وهو صبّ الدواء منحرفًا عن وسط الفم إلى جانبه. انتهى "فتح" ١٥/ ٨٨ - ٨٩.

وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: "الألد الخصم" -هو بفتح الخاء، وكسر الصاد، و"الألدّ": شديد الخصومة، مأخوذ منْ لديدي الوادي، وهما جانباه؛ لأنه كلما احتُجّ عليه بحجة، أخذ فِي جانب آخر. وأما "الخصم": فهو الحاذق بالخصومة، والمذموم هو الخصومة بالباطل فِي رفع حقّ، أو إثبات باطل. انتهى "شرح مسلم" ١٦/ ٢١٩.

وَقَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: "الألد الخصم": الرواية "الْخَصْمُ" -بسكون الصاد- وَقَدْ قيّده بعضهم بكسرها، وكلاهما اسم للمخاصم، غير أن الذي بالسكون هو مصدر فِي الأصل، وُضع موضع الاسم، ولذلك يكون فِي المذكّر والمؤنّث، والتثنية، والجمع بلفظ واحد فِي الأكثر، ومن العرب منْ يُثنّيه، ويَجمعه؛ لأنه يذهب به مذهب الاسم، وَقَدْ جاءت اللغتان فِي كتاب الله تعالى، قَالَ الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: ٢١] ثم قَالَ: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: ٢٢]. فأما الذي بالكسر، فهو الشديد الخصومة. و"الألدّ": هو الشديد الخصومة، مأخوذ منْ اللديدين، وهما جانبا الوادي؛ لأنه كلما أُخذ عليه جانب أخذ فِي جانب آخر. وقيل: لإعماله لديديه، وهو صفحتا عنقه عند خصومته. وكان حكم "الألدّ" أن يكون تابعًا للـ"خصم"؛ لأن "الألدّ" صفة، و"الخصم" اسم، لكن لما كَانَ الخصم مصدرًا فِي الأصل، وكان "الألدّ" صفة مشهورة عُكس الأمر، فجُعل التابع متبوعًا، وهذا عَلَى نحو قوله تعالى: {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر:٢٧] وإنما يُقال: أسود