جمال الدين: قيل: الصواب بالجر لقول المحقّق الشريف فِي "حاشيته": همزة استفهام وقعت بدلاً عن حرف القسم، ويجب الجرّ معها. انتهى. وكذا صحّح فِي أصل سماعنا منْ "المشكاة"، ومن "صحيح مسلم". ووقع فِي بعض نسخ "المشكاة" بالنصب. انتهى كلامه. وَقَالَ الطيبيّ: قيل: "الله" بالنصب: أي أتُقسمون بالله، فحُذف الجارّ، وأُوصل الفعل، ثم حُذف الفعل. كذا فِي "المرقاة"، قاله فِي "تحفة الأحوذيّ" ٩/ ٢٦١ (مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ؟) أي ما جلستم لشيء دنيويّ (قَالُوا: آللهُ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَلِكَ، قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَمَا) أداة استفتاح وتنبيه (إِنِّي) بكسر الهمزة (لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهَمَةً لَكُمْ) بضم التاء، وفتح الهاء، وتسكّن، وَقَالَ فِي "النهاية" ١/ ٢٠١: التُّهْمة، وَقَدْ تفتح الهاء فُعْلة منْ الوهم، والتاء بدلٌ منْ الواو، واتّهَمته: أي ظننت فيه ما نُسب إليه. انتهى. أي ما أستحلفكم تهمة لكم بالكذب؛ لأنه خلاف حسن الظن بالمؤمنين. قَالَ الطيبيّ: أي فأردت أن أتحقّق ما هو السبب فِي ذلك، فالتحليف لمزيد التقرير والتأكيد، لا للتهمة، كما هو الأصل فِي وضع التحليف، فإن منْ لا يُتّهم لا يُحلّف. انتهى. (وَإِنَّمَا أتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بكُمُ الْمَلَاِئكَةَ") أي يفاخر بكم إياهم. وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: معناه: يُظهر فضلكم لهم، ويُريهم حسن عملكم، ويُثني عليكم عندهم، وأصل البهاء: الحسن والجمال، وفلانٌ يباهي بماله: أي يفخر، ويتجمّل به عَلَى غيره، ويُظهر حسنه لهم. انتهى. وَقَالَ المباركفوريّ رحمه الله تعالى: قيل: معنى المباهاة بهم أن الله تعالى يقول لملائكته: انظروا إلى عبيدي هؤلاء، كيف سلّطتُ عليهم أنفسهم، وشهواتهم، وأهويتهم، والشيطان وجنوده، ومع ذلك قَوِيت همّتهم عَلَى مخالفة هذه الدواعي القويّة إلى البطالة، وترك العبادة والذكر، فاستحقّوا أن يُمدحوا أكثر منكم؛ لأنكم لا تجدون للعبادة مشقّة بوجه، وإنما هي منكم كالتنفّس منهم، ففيها غاية الراحة، والملائمة للنفس. ذكره فِي "تحفة الأحوذيّ" ٩/ ٢٦٢. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث معاوية رضي الله تعالى عنه هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٣٧/ ٥٤٦٨ - ولم يخرجه فِي "الكبرى". وأخرجه (م) فِي "الذكر والدعاء" ٢٧٠١ (ت) فِي "الدعوات" ٢٣٧٩ (أحمد) فِي "مسند الشاميين" ١٦٣٩٣. والله تعالى أعلم.