للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[وأما الثاني]: فمقتضى حديث فاطمة بنت قيس فِي قصة تميم الداري، الذي أخرجه مسلم أنه كَانَ موجودا فِي العهد النبوي، وأنه محبوس فِي بعض الجزائر.

[وأما الثالث]: ففي حديث النوّاس -رضي الله عنه- عند مسلم أنه يخرج عند فتح المسلمين القسطنطينية. وأما سبب خروجه، فأخرج مسلم فِي حديث ابن عمر عن حفصة -رضي الله عنهم- أنه يخرج منْ غضبة يغضبها. وأما منْ أين يخرج؟ فمن قبل المشرق جزما، ثم جاء فِي رواية أنه يخرج منْ خُراسان، أخرج ذلك أحمد، والحاكم منْ حديث أبي بكر -رضي الله عنه-. وفي أخرى أنه يخرج منْ أصبهان، أخرجها مسلم. وأما صفته فمذكورة فِي أحاديث، كحديث ابن عمر، مرفوعاً: "رجل جسيم، أحمر، جعد الرأس، أعور العين، كأنها عنبة طافية"، وغير ذلك مما جاء فِي "الصحيحين"، وغيرهما. وأما الذي يدعيه، فإنه يخرج أولا، فيدّعي الإيمان والصلاح، ثم يدعي النبوة، ثم يدعى الإلهية، كما أخرج الطبراني منْ طريق سليمان بن شهاب، قَالَ: نزل عليّ عبد الله بن المعتمر، وكان صحابيا، فحدثني عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، أنه قَالَ: "الدجال ليس به خفاء، يجيء منْ قبل المشرق، فيدعو إلى الدين، فيُتَّبَع ويظهر، فلا يزال حَتَّى يقدم الكوفة، فيظهر الدين، ويعمل به فيتبع، ويحث عَلَى ذلك، ثم يدّعي أنه نبي، فيفزع منْ ذلك كل ذي لب ويفارقه، فيمكث بعد ذلك، فيقول: أنا الله، فتُغشى عينه، وتقطع أذنه، ويُكتب بين عينيه كافر، فلا يخفى عَلَى كل مسلم، فيفارقه كل أحد منْ الخلق فِي قلبه مثقال حبَّة منْ خردل منْ إيمان"، وسنده ضعيف.

(التنبيه الثاني): اشتهر السؤال عن الحكمة فِي عدم التصريح بذكر الدجال فِي القرآن، مع ما ذكر عنه منْ الشر، وعظم الفتنة به، وتحذير الأنبياء منه، والأمر بالاستعاذة منه حَتَّى فِي الصلاة.

[وأجبيب]: بأجوبة:

[أحدها]: أنه ذُكر فِي قوله: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعام: ١٥٨]، فقد أخرج الترمذيّ، وصححه عن أبي هريرة رفعه: "ثلاثة إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها، لم تكن آمنت منْ قبل: الدجال، والدابة، وطلوع الشمس منْ مغربها.

[الثاني]: قد وقعت الإشارة فِي القرآن إلى نزول عيسى بن مريم فِي قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النِّساء: ١٥٩]، وفي قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: ٦١]، وصح أنه الذي يقتل الدجال، فاكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر، ولكونه يلقب المسيح كعيسى، لكن الدجال مسيح الضلالة، وعيسى مسيح الهدى.