للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي فِي "عمل اليوم والليلة"، وهو أوضح فِي لمناسبة المعنى.

ومعنى: "أبوء لك بذنبي": أي أعترف، وقيل: معناه أحمله برغمي، لا أستطيع صرفه عني. وَقَالَ الطيبي: اعترف أولا بأنه أنعم عليه -كما فِي رواية البخاريّ- ولم بقيده؛ لأنه يشمل أنواع الإنعام، ثم اعترف بالتقصير، وأنه لم يقم بأداء شكرها، ثم بالغ، فعده ذنبا مبالغة فِي التقصير، وهضم النفس. قَالَ الحافظ: ويحتمل أن يكون قوله: "أبوء لك بذنبي" أعترف بوقوع الذنب مطلقا؛ ليصح الاستغفار منه، لا أنه عَدّ ما قَصّر فيه منْ أداء شكر النعم ذنبا.

(وَأَبُوءُ لَكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ) سقط لفظ "لك" منْ رواية "عمل اليوم والليلة". و"أبوء" -بالموحدة، والهَمز ممدود- معناه: أعترف. ووقع فِي رواية عثمان بن ربيعة عن شداد: "وأعترف بذنوبي"، وأصله البواء، ومعناه اللزوم، ومنه بوأه الله منزلا: إذا أسكنه، فكأنه ألزمه به.

(فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ) يؤخذ مثله أن منْ اعترف بذنبه، غُفر له، وَقَدْ وقع صريحا فِي حديث الإفك الطويل، وفيه: "العبد إذا اعترف بذنبه، وتاب تاب الله عليه" (فَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ، مُوقِنًا بِهَا) أي مخلصا منْ قلبه، مصدقا بثوابها، وَقَالَ الداودي: يحتمل أن يكون هَذَا منْ قوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]، ومثل قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الوضوء وغيره؛ لأنه بَشّر بالثواب، ثم بَشّر بأفضل منه، فثبت الأول، وما زيد عليه، وليس يبشر بالشيء، ثم يبشر بأقل منه، مع ارتفاع الأول، ويحتمل أن يكون ذلك ناسخا، وأن يكون هَذَا فيمن قالها، ومات قبل أن يفعل ما يغفر له به ذنوبه، أو يكون ما فعله منْ الوضوء وغيره، لم ينتقل منه بوجه ما، والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، كذا حكاه ابن التين عنه، وبعضه يحتاج إلى تأمل. قاله فِي "الفتح" ١٢/ ٣٧٨.

(فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي) وفي رواية البخاريّ: "ومن قالها منْ النهار"، وفي رواية الترمذيّ: "لا يقولها أحدكم حين يمسي، فيأتي عليه قَدَر قبل أن يصبح، أو حين يصبح، فيأتي عليه قدر قبل أن يمسي" (مُوقِنًا بِها دَخَلَ الْجَنَّةَ) وفي رواية البخاريّ: "فهو منْ أهل الجنة"، وفي رواية الترمذيّ: "إلا وجبت له الجنة".

قَالَ الكرماني رحمه الله تعالى: [فإن قلت]: المؤمن وإن لم يقلها يدخل الجنة. [قلت]: المراد أنه يدخلها ابتداء منْ غير دخول النار، ولأن الغالب أن المؤمن بحقيقتها، المؤمن بمضمونها لا يعصي الله تعالى، أو لأن الله تعالى يعفو عنه ببركة هَذَا الاستغفار. انتهى.

وقوله: (خَالَفَهُ الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ) أي خالف حسينًا المعلّم الوليد بن ثعلبة الطائيّ فِي