(قَالَ: بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ عَلَى الْحَيِّ) أي القبيلة، جمعه أحياء، والمراد جماعة منْ قبيلته (وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ سِنًّا، عَلَى عُمُومَتِي) بدل منْ "الحيّ"، و"العمومة" بالضمّ: كما فِي "القاموس" يكون مصدرًا، ويكون جمع عمّ، والثاني هو المراد هنا، وسمّاهم عمومته؛ لأنه أصغر سنًّا منهم، كما بيّنه هو، ولأن أكثرهم منْ الأنصار، كما سيأتي بيانه. وفي الرواية التالية:"قَالَ: كنت أسقي أبا طلحة، وأبيّ بن كعب، وأبا دُجانة، فِي رهط منْ الأنصار"، وفي رواية للبخاريّ:"كنت أسقي أبا عُبيدة، وأبا طلحة، وأبي بن كعب".
قَالَ فِي "الفتح" ١١/ ١٥٨: قوله: "كنت أسقي أبا عبيدة": هو ابن الجرّاح، وأبا طلحة هو زيد بن سهل، زوج أم سُليم، أم أنس، وأبي بن كعب، كذا اقتصر فِي هذه الرواية عَلَى هؤلاء الثلاثة، فأما أبو طلحة: فلكون القصة كانت فِي منزله، كما عند البخاريّ فِي "التفسير"، منْ طريق ثابت، عن أنس:"كنت ساقي القوم فِي منزل أبي طلحة"، وأما أبو عبيدة: فلأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- آخى بينه وبين أبي طلحة، كما أخرجه مسلم منْ وجه آخر، عن أنس -رضي الله عنه-، وأما أبي بن كعب: فكان كبير الأنصار، وعالمهم. ووقع فِي رواية عبد العزيز بن صهيب، عن أنس -رضي الله عنه-، عند البخاريّ فِي "تفسير المائدة": إني لقائم أسقي أبا طلحة، وفلانا، وفلانا"، كذا وقع بالإبهام، وسَمَّى فِي رواية مسلم منهم أبا أيوب، وعند البخاريّ منْ رواية هشام، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه-: "إني كنت لأسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، وسهيل بن بيضاء"، وأبو دجانة -بضم الدال المهملة، وتخفيف الجيم، وبعد الألف نون-: اسمه سماك بن خَرَشَة -بمعجمتين، بينهما راء مفتوحات- ولمسلم منْ طريق سعيد، عن قتادة نحوه، وسَمَّى فيهم معاذ بن جبل، ولأحمد عن يحيى القطّان، عن حميد، عن أنس: "كنت أسقي أبا عبيدة، وأبي بن كعب، وسهيل بن بيضاء، ونفرا منْ الصحابة، عند أبي طلحة"، ووقع عند عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، وقتادة، وغيرهما، عن أنس: أن القوم كانوا أحد عشر رجلاً.
قَالَ الحافظ رحمه الله: وَقَدْ حصل منْ الطرق التي أوردتها تسمية سبعة منهم، وأبهمهم فِي رواية سليمان التيمي، عن أنس، وهي فِي هَذَا الباب، ولفظه "كنت قائماً عَلَى الحي، أسقيهم عمومتي"، وقوله: "عمومتي" فِي موضع خفض عَلَى البدل منْ قوله: "الحي"، وأطلق عليهم عمومته؛ لأنهم كانوا أسن منه، ولأن أكثرهم منْ الأنصار.
ومن المستغربات ما أورده ابن مردويه فِي "تفسيره" منْ طريق عيسى بن طهمان، عن أنس: أن أبا بكر وعمر كانا فيهم، قَالَ الحافظ: وهو منكر، مع نظافة سنده، وما أظنه إلا غلطًا، وَقَدْ أخرج أبو نعيم فِي "الحلية" فِي ترجمة شعبة، منْ حديث عائشة، قالت: