للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قطب فكان لحموضته.

واحتج الطحاوي لمذهبم أيضاً بما أخرجه منْ طريق النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود، فِي قوله: "كل مسكر حرام"، قَالَ: هي الشربة التي تُسكر. وتُعُقّب بأنه ضعيف؛ لأنه تفرد به حجاج بن أرطاة، عن حماد بن أبي سليمان، عن النخعي، وحجاج ضعيف، وهو مدلس أيضاً، قَالَ البيهقي: ذُكر هَذَا لعبد الله بن المبارك، فَقَالَ: هَذَا باطل، وروى بسند له صحيح، عن النخعي، قَالَ: إذا سَكِر منْ شراب لم يحل أن يعود فيه أبدا، وهذا أيضاً عند النسائيّ ٥٧/ ٥٧٤٩ - بسند صحيح ثم رَوَى النسائيّ ٥٧/ ٥٧٥٣ - ، عن ابن المبارك: قَالَ ما وجدت الرخصة فيه منْ وجه صحيح، إلا عن النخعي منْ قوله، وأخرج النسائيّ "الكبرى" ٣/ ٢٣٧، والأثرم منْ طريق خالد بن سعد، عن أبي مسعود، قَالَ: عطش النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو يطوف، فأُتي بنبيذ منْ السقاية، فقطّب، فقيل أحرام هو؟ قَالَ: "لا، عليّ بذنوب منْ ماء زمزم، فصب عليه، وشرب"، قَالَ الأثرم: احتج به الكوفيون لمذهبهم، ولا حجة فيه؛ لأنهم متفقون عَلَى أن النبيذ إذا اشتد بغير طبخ، لا يحل شربه، فإن زعموا أن الذي شربه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ منْ هَذَا القبيل، فقد نسبوا إليه أنه شرب المسكر، ومعاذ الله منْ ذلك، وإن زعموا أنه قطب منْ حموضته، لم يكن لهم فيه حجة؛ لأن النقيع ما لم يشتد، فكثيره وقليله حلال بالاتفاق.

قَالَ الحافظ: وَقَدْ ضعف حديث أبي مسعود المذكور النسائيّ، وأحمد، وعبد الرحمن بن مهدي، وغيرهم؛ لتفرد يحيى بن يمان برفعه، وهو ضعيف، ثم رَوَى النسائيّ عن ابن المبارك، قَالَ: ما وجدت الرخصة فيه منْ وجه صحيح، إلا عن النخعي منْ قوله. ذكره فِي "الفتح" ١١/ ١٦١ - ١٦٣ وهو بحث نفيس جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٥٥٤٤ - (أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا (١) عَبْدُ اللَّهِ -يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ، وَأَبَا دُجَانَةَ، فِي رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، فَقَالَ: حَدَثَ خَبَرٌ، نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، فَكَفَأْنَا، قَالَ: وَمَا هِيَ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ الْفَضِيخُ، خَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، قَالَ: وَقَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَإِنَّ عَامَّةَ خُمُورِهِمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخُ).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، غير


(١) وفي نسخة: "أخبرنا".