وقوله:"وأبا دجانة" بضم الدال المهملة، وتخفيف الجيم- هو سماك بن خَرَشَة، وقيل: ابن أوس بن خَرَشة، متّفقٌ عَلَى شهوده بدرًا، وعلى أنه استُشهد باليمامة. وأسند ابن إسحاق منْ طريق يزيد بن السكن: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما التحم القتال، ذَبّ عنه مصعب بن عمير -يعني يوم أحد- حَتَّى قُتل، وأبو دجانة سماك بن خَرَشة، حَتَّى كثرت فيه الجراحة، وقيل: إنه ممن شارك فِي قتل مسيلمة. وثبت ذكره فِي "صحيح مسلم" منْ طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أخذ سيفا يوم أحد، فَقَالَ:"منْ يأخذ هَذَا السيف بحقه؟ "، فأخذه أبو دجانة، ففلق به هام المشركين. وأخرج الدُّولابي فِي "الكنى" منْ طريق عبيد الله بن الوازع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قَالَ: قَالَ الزبير بن العوام: عرض النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد سيفا، فَقَالَ:"منْ يأخذ هَذَا السيف بحقه؟ "، فقام أبو دجانة، سماك بن خرشة، فَقَالَ: أنا فما حقه؟ قَالَ: لا تقتل به مسلما, ولا تَفِرُّ به منْ كافر. قاله فِي "الإصابة" ١١/ ١١٢.
وقوله:"فِي رهط" -بفتح، فسكون-: ما دون عشرة منْ الرجال، ليس فيهم امرأة، وسكون الهاء أفصح منْ فتحها، وهو جمع لا واحد له منْ لفظه. وقيل: الرهط منْ سبعة إلى عشرة، وما دون السبعة إلى الثلاثة نفر. وَقَالَ أبو زيد: الرهط، والنفر: ما دون العشرة منْ الرجال. وَقَالَ ثعلب أيضاً: الرهط، والنفر، والقوم، والْمَعْشر، والْعَشيرة: معناهم الجمع، لا واحد لهم منْ لفظهم، وهو للرجال، دون النِّساء. وَقَالَ ابن السكّيت: الرهط، والعشيرة بمعنى. ويقال: الرهط: ما فوق العشرة إلى الأربعين، قاله الأصمعيّ فِي "كتاب الضاد والظاء"، ونقله ابن فارس أيضًا. ورهط الرجل قومه، وقبيلته الأقربون. انتهى "المصباح المنير".
وقوله:"حدث خبر": أي استجدّ أمر منْ أمور التشريع، وقوله:"نزل تحريم الخمر" مستأنف استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، كأن قائلا قَالَ: وما هو الخبر الحادث، فأجاب بقوله: نزل تحريم الخمر.
والحديث أخرجه مسلم، وَقَدْ سبق تمام البحث فيه فِي الْحَدِيث الماضي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.