فِي لغة، فيقال: هو التمر، وهي التمر (وَالزَّبِيبِ) معروفٌ، وهو اسم جمع يذكّر ويؤنّث، فيقال: هو الزبيب، وهي الزبيب، الواحدة زبيبه، قاله فِي "المصباح"(وَالتَّمْرِ) ومعنى الْحَدِيث: النهي عن الجمع بين النوعين فِي الانتباذ؛ لمسارعة الإسكار، والاشتداد عند الخلط، فربّما يقع بذلك فِي شُرب المسكر. قَالَ القاضي عياض رحمه الله تعالى: إنما نهي عن الخلط، وجُوّز انتباذ كلّ واحد عَلَى حدته؛ لأنه ربّما أسرع التغيّر إلى أحد الجنسين، فيفسد الآخر، وربّما لم يظهر، فيتناوله محرّمًا. وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: ذهب أصحابنا وغيرهم منْ العلماء، إلى أن سبب النهي عن الخليط أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يشتد فيظن الشارب أنه لم يبلغ حد الإسكار، ويكون قد بلغه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث رجل منْ أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٤/ ٥٥٤٩ - وفي "الكبرى" ٤/ ٥٠٥٦. وأخرجه (د) فِي "الأشربة" ٣٥٠٧ (أحمد) فِي "مسند الكوفيين" ١٨٣٤١. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم شرب الخليطين:
قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: مذهب الجمهور أن النهي فِي ذلك للتنزيه، وإنما يمتنع إذا صار مسكرًا, لا تخفى علامته، وَقَالَ بعض المالكية: هو للتحريم.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله بعض المالكية هو الظاهر؛ لأن النصّ ورد بصيغة النهي، والنهي للتحريم، ما لم يصرفه صارف، ولم يذكروا هنا صارفًا، وأيضًا ما قاله النوويّ يخالف نص الشافعيّ رحمه الله تعالى الآتي بالتحريم، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
قَالَ: واختُلف فِي خلط نبيذ البسر الذي لم يشتد، مع نبيذ التمر الذي لم يشتد عند الشرب، هل يمتنع، أو يختص النهي عن الخلط عند الانتباذ، فَقَالَ الجمهور: لا فرق، وَقَالَ الليث: لا بأس بذلك عند الشرب. ونقل ابن التين عن الداودي: أن سبب النهي أن النبيذ يكون حلوا، فإذا أضيف إليه الآخر أسرعت إليه الشدة، وهذه صورة أخرى، كأنه يخص النهي بما إذا نبذ أحدهما ثم أضيف إليه الآخر، لا ما إذا نُبذا معا. واختُلف فِي الخليطين منْ الأشربة غير النبيذ، فحكى ابن التين عن بعض الفقهاء أنه كَرِه أن يخلط