للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و٥٠٩٠. وأخرجه (خ) فِي "التفسير" ٤٦١٩ و"الأشربة" ٥٥٨١ و٥٥٨٨ و٥٥٩٠ (م) فِي "التفسير" ٣٠٣٢ و٣٠٣٣ (د) فِي "الأشربة" ٣٦٦٩ (ت) فِي "الأشربة" ١٨٧٢.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان الأنواع التي كانت تتّخذ منها الخمر وقت نزول آية تحريم الخمر، وهي هذه الخمسة. (ومنها): ذكر الأحكام عَلَى المنبر؛ لتشتهر بين السامعين. (ومنها): ذكر "أما بعد" فيها، كما ثبت فِي رواية الإسماعيليّ. (ومنها): التنبيه بالنداء. (ومنها): التنبيه عَلَى شرف العقل وفضله.

(ومنها): ما قاله الخطّابيّ، إنما عَدّ عمر الخمسة المزكورة لاشتهار أسمائها فِي زمانه، ولم تكن كلها توجد بالمدينة الوجود العام، فإن الحنطة كانت بها عزيزة، وكذا العسل، بل كَانَ أعزّ، فعد عمر ما عُرف فيها، وجعل ما فِي معناها مما يُتَّخذ منْ الأرز وغيره خمرا، إن كَانَ مما يخامر العقل، وفي ذلك دليل عَلَى جواز إحداث الاسم بالقياس، وأخذه منْ طريق الاشتقاق، كذا قَالَ، ورَدّ بذلك ابن العربي، فِي جواب منْ زعم أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر خمر": معناه: مثل الخمر؛ لأن حذف مثل ذلك مسموع شائع، قَالَ: بل الأصل عدم التقدير، ولا يصار إلى التقدير إلا إلى الحاجة.

[فإن قيل]: احتجنا إليه لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يبعث لبيان الأسماء. [قلنا]: بل بيان الأسماء منْ جملة الأحكام لمن لا يعلمها , ولاسيما ليقطع تعلق القصد بها، قَالَ: وأيضاً لو لم يكن الفضيخ خمرا، ونادى المنادي: "حُرِّمت الخمر" لم يبادروا إلى إراقتها, ولم يفهموا أنها داخلة فِي مسمى الخمر، وهم الفُصْحُ اللُّسْنُ.

[فإن قيل]: هَذَا إثبات اسم بقياس. [قلنا]: إنما هو إثبات اللغة عن أهلها، فإن الصحابة -رضي الله عنهم- عرب فصحاء، فهموا منْ الشرع ما فهموه منْ اللغة، ومن اللغة ما فهموه منْ الشرع. وذكر ابن حزم أن بعض الكوفيين، احتج بما أخرجه عبد الرزاق، عن ابن عمر، بسند جيد قَالَ: "أما الخمر فحرام، لا سبيل إليها، وأما ما عداها منْ الأشربة، فكل مسكر حرام"، قَالَ: وجوابه أنه ثبت عن ابن عمر أنه قَالَ: "كل مسكر خمر"، فلا يلزم منْ تسمية المتخذ منْ العنب خمرا، انحصار اسم الخمر فيه، وكذا احتجوا بحديث ابن عمر أيضاً: "حرمت الخمر، وما بالمدينة منها شيء"، مراده المتخذ منْ العنب، ولم يُرِد أن غيرها لا يسمى خمرا، بدليل حديثه الآخر: "نزل تحريم الخمر، وإن بالمدينة خمسة أشربة، كلها تدعي الخمر، ما فيها خمر العنب". ذكره فِي "الفتح" ١١/ ١٧٤. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قَالَ فِي "الفتح" ١١/ ١٧٠ - ١٧٣: جعل الطحاوي هذه الأحاديث