قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: لفظ رواية معمر هي الرواية التالية لهذا الْحَدِيث عند المصنّف، وفيها:"والبتع منْ العسل". والله تعالى أعلم.
قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: ولم أقف عَلَى اسم السائل، فِي حديث عائشة صريحا، لكنني أظنه أبا موسى الأشعري، فقد تقدّم فِي "المغازي" منْ طريق سعيد ابن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعثه إلى اليمن، فسأله عن أشربة، تُصنَع بها؟ فَقَالَ:"ما هي؟ " قَالَ: البتع، والمزر، فَقَالَ:"كل مسكر حرام"، قلت لأبي بردة: ما البتع؟ قَالَ: نبيذ العسل، وهو عند مسلم منْ وجه آخر، عن سعيد بن أبي بردة، بلفظ: فقلت: يا رسول الله، أفتنا فِي شرابين، كنا نصنعهما باليمن: البتع منْ العسل، يُنبذ حَتَّى يشتد، والمزر منْ الشعير والذرة يُنبذ حَتَّى يشتد؟ قَالَ: وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أُعطى جوامع الكلم، وخواتمه، فَقَالَ:"أنهى عن كل مسكر". انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث أبي موسى -رضي الله عنه- هو الآتي للمصنّف بعد حديثين. والله تعالى أعلم.
قَالَ: وفي رواية أبي داود، التصريح بأن تفسير البتع مرفوع، ولفظه: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شراب منْ العسل؟ فَقَالَ:"ذاك البتع"، قلت: ومن الشعير، والذرة؟ قَالَ: ذاك الْمِزْر، ثم قَالَ:"أَخبِرْ قومك أن كل مسكر حرام". وَقَدْ سأل أبو وهب الجيشاني، عن شيء مما سأله أبو موسى، فعند الشافعيّ، وأبي داود، منْ حديثه، أنه سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن المزر؟ فأجاب بقوله:"كل مسكر حرام".
(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ حَرَامٌ) أي كل شراب صالح لأن يكون مسكرًا فإنه محرّم، فليس المراد تخصيص التحريم بحالة الإسكار، بل إذا كانت فيه صلاحية الإسكار حرم تناوله، ولو لم يسكر المتناول بالقدر الذي تناوله منه، كما فسّرته الروايات الأخرى:"كلُّ مسكر حرام"، ويؤخذ منْ لفظ السؤال، أنه وقع عن حكم جنس البتع، لا عن القدر المسكر منه؛ لأنه لو أراد السائل ذلك، لقال: أخبرني عما يحل منه وما يحرم، وهذا هو المعهود منْ لسان العرب، إذا سألوا عن الجنس، قالوا: هل هَذَا نافع أو ضار مثلا، وإذا سألوا عن القدر، قالوا: كم يؤخذ منه؟. أفاده فِي "الفتح" ١١/ ١٦٤ - ١٦٥.
وقول:(اللَّفْظُ لِسُوَيْدٍ) يعني أن لفظ هَذَا المتن لشيخه سويد بن نصر، وأما شيخه قتيبة، فراوه بمعناه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.