(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان تحريم كلّ شراب أسكر. (ومنها): هَذَا منْ جوامع كلمه -صلى الله عليه وسلم-. (ومنها): أنه يستحبّ للمفتي إذا رأى بالسائل حاجة أن يضمّه إلى المسئول عنه، ونظير هَذَا الْحَدِيث حديث:"هو الطهور ماؤه، الحل ميتته". (ومنها): أن فيه تحريم كل مسكر، سواء كَانَ متخذا منْ عصير العنب، أو منْ غيره. (ومنها): أنه استُدل بمطلق قوله: "كل مسكر حرام" عَلَى تحريم ما يسكر، ولو لم يكن شرابا، فيدخل فِي ذلك الحشيشة وغيرها، وَقَدْ جزم النوويّ وغيره بأنها مسكرة، وجزم آخرون بأنها مُخَدِّرة، وهو مكابرة؛ لأنها تُحدِث بالمشاهدة ما يُحدث الخمر منْ الطرب، والنشأة، والمداومة عليها، والانهماك فيها، وعلى تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة، فقد ثبت فِي أبي داود: النهي عن كل مسكر، ومُفَتِّر، وهو بالفاء. والله أعلم. قاله فِي "الفتح" ١١/ ١٦٧. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): قَالَ المازري رحمه الله تعالى: أجمعوا عَلَى أن عصير العنب قبل أن يشتد حلال، وعلى أنه إذا اشتد، وغلى، وقذف بالزبد حرم قليله وكثيره، ثم لو حصل له تخلل بنفسه، حل بالإجماع أيضاً، فوقع النظر فِي تبدل هذه الأحكام عند هذه المتخذات، فاشعر ذلك بارتباط بعضها ببعض، ودل عَلَى أن علة التحريم الإسكار، فاقتضى ذلك أن كل شراب وُجد فيه الإسكار، حرم تناول قليله وكثيره. انتهى.
قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: وما ذكره استنباطا ثبت التصريح به فِي بعض طرق