للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخبر، فعند أبي داود، والنسائي، وصححه ابن حبّان منْ حديث جابر -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أسكر كثيره، فقليله حرام"، وللنسائي ٢٥/ ٥٦٠٩ - منْ حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مثله، وسنده إلى عمرو صحيح، ولأبي داود منْ حديث عائشة، مرفوعاً: "كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق، فملء الكف منه حرام"، ولابن حبّان، والطحاوي، منْ حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره".

وَقَدْ اعترف الطحاوي بصحة هذه الأحاديث، لكن قَالَ: اختلفوا فِي تأويل الْحَدِيث، فَقَالَ بعضهم: أراد به جنس ما يسكر، وَقَالَ بعضهم: أراد به ما يقع السكر عنده، ويؤيده أن القاتل لا يسمى قاتلا حَتَّى يقتل، قَالَ: ويدل له حديث ابن عبّاس رفعه: "حُرّمت الخمر قليلها وكثيرها، والسكر منْ كل شراب". انتهى.

وهذا الْحَدِيث أخرجه النسائيّ ٤٨/ ٥٦٨٦ - ورجاله ثقات، إلا أنه اختلف فِي وصله وانقطاعه، وفي رفعه ووقفه، وعلى تقدير صحته فقد رجح الإِمام أحمد وغيره، أن الرواية فيه بلفظ: "والمسكر" -بضم الميم، وسكون السين- لا "السكر" -بضم، ثم سكون، أو بفتحتين- وعلى تقدير ثبوتها، فهو حديث فرد، ولفظه محتمل، فكيف يعارض عموم تلك الأحاديث، مع صحتها وكثرتها.

وجاء عن عليّ عند الدارقطنيّ، وعن ابن عمر عند ابن إسحاق، والطبراني، وعن خَوّات بن جبير، عند الدارقطنيّ، والحاكم، والطبراني، وعن زيد بن ثابت، عند الطبراني، وفي أسانيدها مقال، لكنها تزيد الأحاديث التي قبلها قوة وشهرة.

قَالَ أبو المظفر ابن السمعاني: وكان حنفيا، فتحول شافعيا: ثبتت الأخبار عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي تحريم المسكر، ثم ساق كثيرا منها، ثم قَالَ: والأخبار فِي ذلك كثيرة، ولا مساغ لأحد فِي العدول عنها، والقول بخلافها، فإنها حجج قواطع، قَالَ: وَقَدْ زَلَّ الكوفيون فِي هَذَا الباب، ورووا أخبارا معلولة، لا تُعارض هذه الأخبار بحال، ومن ظن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شرب مسكرا، فقد دخل فِي أمر عظيم، وباء بإثم كبير، وإنما الذي شربه كَانَ حلوا, ولم يكن مسكرا.

وَقَدْ رَوَى ثمامة بن حزن القشيري، أنه سأل عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبيذ؟ فدعت جارية حبشية، فقالت: سل هذه، فإنها كانت تنبذ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت الحبشية: كنت أنبذ له فِي سقاء منْ الليل، وأوكؤه، وأعلقه، فإذا أصبح شرب منه، أخرجه مسلم. وروى الحسن البصريّ، عن أمه، عن عائشة نحوه.

ثم قَالَ: فقياس النبيذ عَلَى الخمر بعلة الإسكار، والاضطراب منْ أجل الأقيسة،