الأسلميّ الصحابيّ، شهد الْحُديبية، وعُمّر بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دهرًا، ومات سنة (٨٧)، وهو آخر منْ مات بالكوفة منْ الصحابة -رضي الله عنهم-. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن صحابيه آخر منْ مات بالكوفة منْ الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كما مرّ آنفاً. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنِ الشَّيْبَانِيِّ) أبي إسحاق سليمان بن فيروز، ووقعِ فِي رواية الإسماعيلي:"حدّثني سليمان الشيبانيّ"، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ) عبد الله (بْنَ أبِي أَوْفَى) رضي الله تعالى عنه (يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ الأَخْضَرِ، قُلْتُ) القائل هو الشيبانيّ (فَالْأَبْيَضُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي) هَذَا شاذّ مخالف لرواية سفيان التالية لهذه الرواية، ولما فِي رواية البخاريّ بلفظ:"قلت: أنشرب فِي الأبيض؟ قَالَ: لا". قَالَ فِي "الفتح" ١١/ ١٨٨: يعني أن حكمه حكم الأخضر، فدل عَلَى أن الوصف بالخضرة، لا مفهوم له، وكأن الجرار الخضر حينئذ كانت شائعة بينهم، فكان ذكر الأخضر لبيان الواقع، لا للاحتراز. وَقَالَ ابن عبد البرّ: هَذَا عندي كلام خرج عَلَى جوِاب سؤال، كأنه قيل: الجر الأخضر، فَقَالَ: لا تنبذوا فيه، فسمعه الراوي، فَقَالَ: نَهى عن الجر الأخضر، وَقَدْ رَوَى ابن عبّاس، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه نهى عن نبيذ الجر، قَالَ: والجر كل ما يصنع منْ مَدَر.
قَالَ الحافظ: وَقَدْ أخرج الشافعيّ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي أوفى:"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض والأحمر"، فإن كَانَ محفوظا ففي الأول اختصار، والحديث الذي ذكره ابن عبد البرّ، أخرجه مسلم، وأبو داود، وغيرهما.
قَالَ الخطّابيّ: لم يعلق الحكم فِي ذلك بالخضرة والبياض، وإنما عُلّق بالإسكار، وذلك أن الجرار تُسرع التغير لما يُنبذ فيها، فقد يتغير منْ قبل أن يُشعَر به، فَنُهُوا عنها، ثم لما وقعت الرخصة أُذن لهم فِي الانتباذ فِي الأوعية، بشرط أن لا يشربوا مسكرا. وَقَدْ أخرج ابن أبي شيبة، منْ وجه آخر، عن ابن أبي أوفى: أنه كَانَ يشرب نبيذ الجر الأخضر. وأخرج أيضاً بسند صحيح، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه كَانَ يُنبذ له فِي الجر الأخضر. ومن طريق معقل بن يسار، وجماعة منْ الصحابة نحوه، وَقَدْ خص جماعة