قليل الْحَدِيث. وَقَالَ ابن عبد البرّ: أجمعوا عَلَى أنه كَانَ منْ العلماء الثقات.
وإذا تقرر ذلك فالراجح فِي أبي عياض، الذي يروي عنه مجاهد أنه عمرو بن الأسود، وأنه شاميّ، وأما قيس بن ثعلبة، فهو أبو عياض آخر، وهو كوفيّ، ذكره ابن حبّان فِي ثقات التابعين، وَقَالَ: إنه يروي عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وغيرهم، رَوَى عنه أهل الكوفة. قَالَ الحافظ: وإنما بسطت ترجمته؛ لأن المزي لم يستوعبها، وخلط ترجمة بترجمة، وأنه صَغّر اسمه، فَقَالَ: عمير بن الأسود الشاميّ العنسي، صاحب عبادة بن الصامت. والذي يظهر لي أنه غيره، فإن كَانَ كذلك، فما له فِي البخاريّ سوى هَذَا الْحَدِيث، وإن كَانَ كما قَالَ المزي، فإن له عند البخاريّ حديثا تقدّم ذكره فِي "الجهاد" منْ رواية خالد بن معدان، عن عمير بن الأسود، عن أم حرام بنت ملحان، وكأن عمدته فِي ذلك أن خالد بن معدان رَوَى عن عمرو بن الأسود أيضًا، وَقَدْ فرق ابن حبّان فِي "الثقات" بين عمير بن الأسود، الذي يكنى أبا عياض، وبين عمير بن الأسود الذي يروي عن عبادة بن الصامت، وَقَالَ: كل منهما عمير بالتصغير، فإن كَانَ ضبطه، فلعل أبا عياض كَانَ يقال له: عمرو، وعمير، ولكنه آخر غير صاحب عبادة. والله أعلم. انتهى "فتح" ١١/ ١٨٥.
٦ - (عبد الله) بن عمرو العاص رضي الله تعالى عنهما ٨٩/ ١١١. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ سداسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بثقات المكيين، غير شيخه، فطبريّ، ثم بغداديّ، وأبي عياض، فحمصيّ. (ومنها): أن فيه ثلاثة منْ التابعين يروي بعضهم عن بعض: سليمان، عن مجاهد، عن أبي عياض. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن عمرو بن العاص، قَالَ فِي "الفتح": كذا فِي جميع نسخ البخاريّ، ووقع فِي بعض نسخ مسلم:"عبد الله بن عمر" بضم العين، وهو تصحيف، نَبّه عليه أبو عليّ الجياني.
(أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، رَخَّصَ) وساقه البخاريّ مطَوّلاً، ولفظه:"لَمّا نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الأسقية، قيل للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ليس كلّ النَّاس يجد سِقاءً، فرخّص لهم فِي الجرّ، غير الْمُزَفّت".