للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الكبرى": "الإذن فِي كلّ منها، استثناء فِي شيء منها".

والظاهر أن فِي ترجمة "المجتبى" سَقَطًا يوضّحه ما فِي "الكبرى"، والمعنى: أن هَذَا الباب معقود لبيان الإذن فِي الانتباذ فِي كلّ وعاء منْ الأوعية التي تقدّم بيان النهي عن الانتباذ فيها، دون استثناء شيء منها، كما استُثني فِي الباب الماضي، حيث كانت الرخصة فيه بغير المزفّت. والله تعالى أعلم بالصواب.

٥٦٥٤ - (أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ جَوَّابٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ، فَتَزَوَّدُوا، وَادَّخِرُوا، وَمَنْ أَرَادَ زِيَارَةَ الْقُبُورِ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ، وَاشْرَبُوا، وَاتَّقُوا كُلَّ مُسْكِرٍ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وكلّهم تقدّموا غير مرةٌ. و"الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ": هو العنبريّ، أبو الفضل البصريّ، ثقة حافظ، منْ كبار [١١]. و"الأَحْوَصِ بْنِ جَوَّابٍ" -بتشديد الواو-: هو الضبّيّ، أبو الجوّاب الكوفيّ، صدوقٌ ربما وهم [٩]. و"عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ" -بتقديم الراء، مصغّرًا-: هو الضبّيّ، أبو الأحوص الكوفيّ، لا بأس به [٨]. و"أَبِو إِسْحَاقَ": هو عمرو بن عبد الله السبيعيّ المشهور [٣]. و"الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ": هو الهمدانيّ الياميّ، أبو عبد الله الكوفيّ، قاضي الريّ، ثقة [٥]. و"ابْنِ بُرَيْدَةَ": هو عبد الله السلميّ المروزيّ، قاضيها، ثقة [٣]. و"أبوه": هو بُريدة بن الحُصَيب الأسلميّ، أبو سهل الصحابيّ الجليل، أسلم قبل بدر، مات -رضي الله عنه- سنة (٦٣).

وقوله: "كنت نهيتكم الخ" فيه الجمع بين الناسخ والمنسوخ، والإذن.

وقوله: "عن لحوم الأضاحي": أي فوق ثلاثة أيام. وقوله: "ومن أراد زيارة القبور الخ": جواب الشرط محذوف، تقديره: فليزرها، وقوله: "فإنها الخ" علة للجواز.

ثم ظاهر الأمر بزيارة القبور يعم الرجال والنساء، وهو المذهب الراجح، كما قدّمنا تحقيقه فِي "الجنائز"، وقيل: لا يعمّ النِّساء، بل هو خاصّ للرجال، وتقدم تضعيفه بالأدلة الواضحة، فراجعه، تستفد.

وقوله: "واشربوا": أي فِي الأوعية كلّها، وهذا هو الناسخ للنهي المتقدّم بيانه فِي أحاديث الأبواب الماضية، فصار بعد هَذَا النسخ مدار الحرمة عَلَى الإسكار، ولا دخل للظروف فِي حلّ، ولا حرمة، وفي هَذَا اختلاف بين أهل العلم.

وتمام شرح الْحَدِيث قد تقّدم فِي "كتاب الجنائز" ١٠٠/ ٢٠٣٢ فلتراجعه تزدد علمًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.