للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث بُريدة -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم، وتقدم تخريجه فِي "الجنائز" ٢٠٣٣ وفي "الضحايا" ٤٤٢٩. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): فِي اختلاف أهل العلم فِي الانتباذ فِي جميع الأوعية:

ذهب الجمهور إلى أن أحاديث النهي عن الانتباذ فِي الاْوعية منسوخة بحديث بريدة ابن الحصيب -رضي الله عنه- المذكورة فِي هَذَا الباب، وذهب بعضهم إلى أن النهي باق، قَالَ الخطّابيّ رحمه الله تعالى: القول بالنسخ هو أصحّ الأقاويل، قَالَ: وَقَالَ قوم: التحريم باق، وكرهوا الانتباذ فِي هذه الأوعية، ذهب إليه مالكٌ، وأحمد، وإسحاق، وهو مرويّ عن ابن عمر، وابن عبّاس -رضي الله عنهم-. أفاده النوويّ فِي "شرح مسلم" ١/ ١٨٦.

وَقَالَ الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه": "باب ترخيص النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الأوعية والظروف بعد النهي":

ثم ذكر فيه خمسة أحاديث: [أولها]: حديث جابر -رضي الله عنه-، "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الظروف، فقالت الأنصار: إنه لابدّ لنا منها، قَالَ: فلا إذن"، وهو عام فِي الرخصة [ثانيها]: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما المذكور فِي الباب الماضي، وفيه اسثتناء المزفت. [ثالثها]: حديث عليّ -رضي الله عنه- وهو: "نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الدباء، والمزفت". [رابعها]: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها مثله. [خامسها]: حديث عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- المتقدم فِي النهي عن الجر الأخضر، وَقَدْ تقدّم فِي ٢٩/ ٥٦٢٣.

قَالَ فِي "الفتح" ١١/ ١٨٣: وظاهر صنيعه أنه يرى أن عموم الرخصة مخصوص، بما ذُكر فِي الأحاديث الأخرى، وهي مسألة خلاف، فذهب مالك إلى ما دل عليه صنيع البخاريّ، وَقَالَ الشافعيّ، والثوري، وابن حبيب منْ المالكية: يكره ذلك، ولا يحرم، وَقَالَ سائر الكوفيين: يباح، وعن أحمد روايتان.

وَقَدْ أسند الطبري عن عمر ما يؤيد قوله مالك، وهو قوله: "لأن أشرب منْ قُمقُم مُحْمّى فيُحرِق ما أحرق، ويُبقي ما أبقى أحب إلى منْ أن أشرب نبيذ الجر". وعن ابن عبّاس: "لا يُشرَب نبيذ الجر، ولو كَانَ أحلى منْ العسل". وأسند النهي عن جماعة منْ الصحابة.

وَقَالَ ابن بطال: النهي عن الأوعية إنما كَانَ قطعا للذريعة، فلما قالوا: لا نجد بُدًّا منْ الانتباذ فِي الأوعية، قَالَ: "انتبذوا وكلُّ مسكر حرام"، وهكذا الحكم فِي كل شيء