قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: تقدّم أن قول جبريل عليه السلام: "هي الفطرة التي أنت عليها" ينافي هَذَا الاحتمال، بل المراد بالفطرة هو دين الإسلام، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
قَالَ فِي "الفتح" ٧/ ٦١٧ - : وَقَدْ وقع فِي هذه الرواية أنّ إتيانه الآنية كَانَ بعد وصوله إلى سدرة المنتهى، وسيأتي فِي "الأشربة" منْ طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رُفعت لي سدرة المنتهى، فإذا أربعة أنهار … " فذكره، قَالَ:"وأُتيت بثلاثة أقداح … " الْحَدِيث، وهذا موافق لحديث الباب، إلا أن شعبة لم يذكر فِي الإسناد مالك بن صعصعة.
وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند ابن عائذ فِي حديث المعراج، بعد ذكر إبراهيم، قَالَ:"ثم انطلقنا، فإذا نحن بثلاثة آنية، مُغَطّاة، فَقَالَ جبريل: يا محمد، ألا تشرب مما سقاك ربك، فتناولت إحداها، فإذا هو عسل، فشربت منه قليلاً، ثم تناولت الآخر، فإذا هو لبن، فشربت منه حَتَّى رَوِيتُ، فَقَالَ: ألا تشرب منْ الثالث؟ قلت: قد رَوِيت، قَالَ: وفقك الله"، وفي رواية البزار منْ هَذَا الوجه: أن الثالث كَانَ خمرا، لكن وقع عنده أن ذلك كَانَ ببيت المقدس، وأن الأول كَانَ ماء، ولم يذكر العسل.
وفي حديث بن عبّاس، عند أحمد:"فلما أتى المسجد الأقصى، قام يصلي، فلما انصرف جيء بقدحين، فِي أحدهما لبن، وفي الآخر عسل، فأخذ اللبن … " الْحَدِيث. وَقَدْ وقع عند مسلم منْ طريق ثابت، عن أنس أيضاً: أن إتيانه بالآنية كَانَ ببيت المقدس، قبل المعراج، ولفظه:"ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت، فجاء جبريل بإناء منْ خمر، دهاناء منْ لبن، فأخذت اللبن، فَقَالَ جبريل: أخذت الفطرة، ثم عرج إلى السماء".
وفي حديث شداد بن أوس:"فصليت منْ المسجد حيث شاء الله، وأخذني منْ العطش أشد ما أخذني، فأتيت بإناءين: أحدهما لبن، والآخر عسل، فعدلت بينهما، ثم هداني الله، فأخذت اللبن، فَقَالَ شيخ بين يدي -يعني لجبريل- أخذ صاحبك الفطرة.
وفي حديث أبي سعيد، عند ابن إسحاق، فِي قصة الإسراء: "فصلى بهم -يعني الأنبياء- ثم أُتي بثلاثة آنية: إناء فيه لبن، وإناء فيه خمر، وإناء فيه ماء، فأخذت اللبن … " الحديث.
وفي مرسل الحسن عنده نحوه، لكن لم يذكر إناء الماء.
ووقع بيان مكان عرض الآنية فِي رواية سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عند