للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، فصح أن كل ما أمر الله تعالى به، أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ففرض علينا الأخذ به والطاعة له، ومن ادّعى لي شيء منْ ذلك نسخا، فقوله مطرح؛ لأنه يقول لنا: لا تطيعوا هَذَا الأمر منْ الله تعالى ولا منْ رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فواجب علينا عصيان منْ أمر بذلك إلا أن يأتي نص جلي بين يشهد بأن هَذَا الأمر منسوخ، أو إجماع عَلَى ذلك، أو بتاريخ ثابت مبين أن أحدهما ناسخ للآخر، وأما نحن فإن قولنا هو أن الله تعالى قد تكفل بحفظ دينه وأكمله، ونهانا عن اتباع الظن فلا يجوز البتة أن يرد نصان يمكن تخصيص أحدهما منْ الآخر، وضمه إليه إلا وهو مراد الله تعالى منهما بيقين، وأنه لا نسخ فِي ذلك بلا شك أصلا، ولو كَانَ فِي ذلك نسخ لبينه الله تعالى بيانا جليا، ولما تركه ملتبسا مشكلا حاش لله منْ هَذَا.

قَالَ: فلم يبق إلا أن يرد نصان، ممكن أن يكون أحدهما مخصوصا منْ الآخر؛ لأنه أقل معاني منه، وَقَدْ يمكن أن يكون منسوخا بالأعم، ويكون البيان قد جاء بأن الأخص قبل الأعم بلا شك، فهذا إن وجد فالحكم فيه النسخ ولابد، حَتَّى يجيء نص آخر، أو إجماع متيقن عَلَى أنه مخصوص منْ العام الذي جاء بعده. برهان ذلك أن الله تعالى قَالَ فِي كتابه: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}، وَقَالَ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، والبيان بلا شك هو ما اقتضاه ظاهر اللفظ الوارد ما لم يأت نص آخر، أو إجماع متيقن عَلَى نقله عن ظاهره، فإذا اختلف الصحابة فالواجب الرد إلى ما افترض الله تعالى الرد إليه، إذ يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، وَقَدْ صح أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، بقتله فِي الرابعة، ولم يصح نسخه، ولم صح لقلنا به، ولا حجة فِي قول أحد دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. انتهى "المحلّى" ١١/ ٣٦٥ - ٣٧٠ باختصار.

وَقَالَ الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى فيما كتبه عليّ "مسند الإمام أحمد" رحمه الله تعالى: ما ملخّصه:

وهذه الأحاديث فِي الأمر بقتل شارب الخمر فِي الرابعة، إذا أقيم عليه الحدّ ثلاث مرّات، فلم يرتدع تقطع فِي مجموعها بثبوت هَذَا الحكم، وصحة صدوره عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بم لا يدع شكا للعارف بعلوم الْحَدِيث، وطرق الرواية، وأكثر أسانيده صحاح، والشكّ النادر منْ بعض الرواة بين الثالثة أو الرابعة، أو غيرهما لا يؤثّر فِي صحته، ولا أن فِي أن الحكم بالقتل إنما هو فِي الرابعة، كما وهو واضح.

وَقَالَ أيضًا:

وهذا الأمر بقتل الشارب المدمن فِي المرة الرابعة بعد حدّه ثلاث مرّات، كما تدلّ عليه الأحاديث، وقتل الذي لا ينتهي عنها، ويُصرّ عَلَى شربها، معتذرًا بأنه لا يستطيع