كضمير الشأن فِي المعنى، إلا أن الفرق بينهما أن المذكّر للشأن، والمؤنّث للقصّة (واللهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإيَمانُ، وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ) بالرفع عطفًا عَلَى ما قبله، ويحتمل النصب، عَلَى أن الواو للمعيّة، أي ملازمها، والدوام عليها (إِلَّا لَيُوشِكُ) بفتح اللام، وهي للابتداء، "ويوشك" مضارع أوشك: أي يقرب (أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا) أي الخمر (صَاحِبَهُ) أي الإيمان إن لم يتب، والعكس إن تاب، وحسنت توبته. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عثمان -رضي الله عنه- هَذَا موقوف صحيح، والظاهر أن مثله له حكم الرفع؛ لأنه مما لا ينال بالرأي، وعثمان -رضي الله عنه- ليس معروفًا برواية الإسرائيليات، وهو منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا -٤٤/ ٥٦٦٨ و٥٦٦٩ - وفي "الكبرى" ٤٥/ ٥١٧٦ و٥١٧٧. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان الآثام المتولّدة عن شرب الخمر. (ومنها): أن الخمر أم الخبائث، أي أصل الشرور، فإنه لا يشربها، ويدمنها أحدٌ إلا وتخلّى عن جميع الأخلاق الشرعيّة، بل يخرج عن الإنسانيّة، ويلتحق بالبهائم. (ومنها): أن منْ شؤم إدمان شرب الخمر أن يزيل منْ صاحبه الإيمان منْ قلبه، وهذا أمر عظيم، وداهية طامّة، فلا حول، ولا قوّة إلا بالله، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[آل عمران: ٨]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.