الآتي، ووجه تعللَّهم به أنه ذكر أولًا تحريم الخمر قليلها وكثيرها، ثم قَالَ:"والسكر منْ كلّ شراب"، أي وحُرّم السكر منْ بقية الأشربة، غير الخمر، فدل ذلك عَلَى أن المحرم منْ الأشربة غير الخمر هو السكر، لا الشراب، فيجوز أن يشرب الإنسان ما لم يصل إلى حدّ الشرب، وهذا باطلٌ؛ لأن الصحيح عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما قوله:"وما أسكر منْ كلّ شراب"، وهذا واضح فِي أن المراد به الشراب المسكر، قليله، وكثيره، فهو بمعنى الرواية الأخرى، "كل مسكر حرام"، فاتّضح بهذا أن ما اتّصف بكونه مسكرًا منْ أي شراب كَانَ، حرم تناول قليله، وكثيره. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
ثم ساق حديث عبد الله بن شداد، عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، بقوله:
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ": هو أحمد بن عليّ بن سعيد القاضي المروزيّ الثقة الحافظ. و"القواريريّ": هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة، أبو سعيد البصريّ، نزيل بغداد، ثقة ثبت [١٠]. و"عبد الوارث": هو ابن سعيد بن ذكران البصريّ، ثقة ثبت [٨]. و"ابن شُبرُمة": هو عبد الله بن شُبرمة، أبو شبرمة القاضي الكوفيّ، ثقة فقيه [٥].
وقوله: "حُرّمت الخمر قليلها وكثيرها": "ببنا الفعل للمفعول، والخمر نائب فاعله، و"قليلها، مرفوع عَلَى البدلية، و"كثيرها" عطف عليه. وقوله: "والسكر منْ شراب" عطف، عَلَى "الخمر"، أي وحرم السكر منْ أي شراب غير الخمر، ولفظ "الكبرى": "والسكر منْ شراب حرام". وبهذا تمسك المبيحون لشرب المسكر فِي دعواهم أن المحرم هو السكر، لا الشرب، وهو استدلال باطل، كما أوضحناه سابقًا.
والحديث موقوف أعده المصنّف رحمه الله تعالى، كما سيأتي بعدُ، وهو منْ أفراده، أخرجه هنا -٤٨/ ٥٦٨٥ - وفي "الكبرى" ٤٩/ ٥١٩٣. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقوله:(ابْنُ شُبْرُمَةَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ) أشار به إلى الانقطاع بين عبد بن