للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبيد، إذا طلب المتاع ونفق، وأرسل ليشتريه يقول لمن يشتري له: أَعلِم منْ تشتري منه، أن المتاع قد طُلب. وَقَالَ هشام بن حسان: ترك محمد بن سيرين أربعين ألفا فيما لا ترون به اليوم بأسا. وكان الحجاج بن دينار، قد بعث طعاما إلى البصرة مع رجل، وأمره أن يبيعه يوم يدخل بسعر يومه، فأتاه كتابه أني قدمت البصرة، فوجدت الطعام منقصا، فحبسته فزاد الطعام، فازددت فيه كذا وهذا، فكتب إليه الحجاج: إنك قد خنتنا، وعملت بخلاف ما أمرناك به، فإذا أتاك كتابي، فتصدق بجميع ذلك الثمن ثمن الطعام، عَلَى فقراء البصرة، فليتني أسلم إذا فعلت ذلك. وتنزه يزيد بن زريع عن خمسائة ألف منْ ميراث أبيه، فلم يأخذه، وكان أبوه يلي الأعمال للسلاطين، وكان يزيد يعمل الخوص، ويتقوت منه إلى أن مات رحمه الله. وكان المسور بن مخرمة قد احتكر طعاما كثيرا، فرأى سحابا فِي الخريف فكرهه، فَقَالَ: ألا أراني كرهت ما ينفع المسلمين، فآلي أن لا يربح فيه شيئاً، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فَقَالَ له عمر: جزاك الله خيرًا.

وفي هَذَا أن المحتكر ينبغي له التنزه، عن ربح ما احتكره احتكارا منهيا عنه. وَقَدْ نص الإمام أحمد رحمه الله، على التنزه عن ربح ما لم يدخل فِي ضمانه؛ لدخوله فِي ربح ما لم يُضمَن، وَقَدْ نهى عنه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ أحمد فِي رواية عنه، فمن أجر ما استأجره بربحه: إنه يتصدق بالربح، وَقَالَ فِي رواية عنه، فِي ربح مال المضاربة، إذا خالف فيه المضارب: إنه يتصدق به. وَقَالَ فِي رواية عنه، فيما إذا اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها، بشرط القطع، ثم تركها حَتَّى بدا صلاحها: إنه يتصدق بالزيادة، وحمله طائفة منْ أصحابه عَلَى الاستحباب؛ لأن الصدقة بالشبهات مستحبة. ورُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن أكل الصيد للمحرم، إذا لم يصبه، فقالت: "إنما هي أيام قلائل، فما رابك فدعه". يعني ما اشتبه عليك هل هو حلال أو حرام فاتركه، فإن النَّاس اختلفوا فِي إباحة أكل الصيد للمحرم، إذا لم يَصِد هو.

قَالَ ابن رَجَب: وَقَدْ يستدل بهذا عَلَى أن الخروج منْ اختلاف العلماء أفضل؛ لأنه أبعد عن الشبهة، ولكن المحققين منْ العلماء منْ أصحاب أحمد وغيرهم عَلَى أن هَذَا ليس هو عَلَى إطلاقه، فإن منْ مسائل الاختلاف، ما ثبت فيه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رخصة، ليس لها معارض، فاتباع تلك الرخصة أولى منْ اجتنابها، وإن لم تكن تلك الرخصة بلغت بعض العلماء، فامتنع منها لذلك، وهذا كمن تيقن الطهارة، وشك فِي الحدث، فإنه صح عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه قَالَ: لا ينصرف حَتَّى يسمع صوتا أو يجد ريحا، ولاسيما إن كَانَ شكه فِي الصلاة، فإنه لا يجوز له قطعها؛ لصحة النهي عنه، وإن كَانَ بعض