وَقَالَ الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: ما ملخصه: لما كَانَ اشتقاق الكرم منْ الكرم، والأرض الكريمة هي أحسن الأرض، فلا يليق أن يعبر بهذه الصفة إلا عن قلب المؤمن، الذي هو خير الأشياء؛ لأن المؤمن خير الحيوان، وخير ما فيه قلبه؛ لأنه إذا صلح صلح الجسد كله، وهو أرض لنبات شجرة الإيمان. قَالَ: ويؤخذ منه أن كل خير باللفظ، أو المعنى، أو بهما، أو مشتقا منه، أو مسمى به، إنما يضاف بالحقيقة الشرعية للإيمان وأهله، وإن أضيف إلى ما عدا ذلك، فهو بطريق المجاز، وفي تشبيه الكرم بقلب المؤمن معى لطيف، لأن أوصاف الشياطن تجري مع الكرمة، كما يجري الشيطان فِي بني آدم مجرى الدم، فإذا غفل المؤمن عن شيطانه، أوقعه فِي المخالفة، كما أن منْ غفل عن عصير كرمه تخمر، فتنجس، ويقوي التشبيه أيضًا أن الخمر يعود خلا منْ ساعته بنفسه، أو بالتخليل، فيعود طاهرا، وكذا المؤمن يعود منْ ساعته بالتوبة النصوح طاهرا، منْ خبث الذنوب المتقدمة، التي كَانَ متنجسا باتصافه بها، إما بباعث منْ غيره، منْ موعظة ونحوها، وهو كالتخليل، أو بباعث منْ نفسه، وهو كالتخلل، فينبغي للعاقل أن يتعرض لمعالجة قلبه؛ لئلا يهلك، وهو عَلَى الصفة المذمومة. ذكره فِي "الفتح" ١٢/ ٢٠٦ - ٢٠٨. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"هارون بن إبراهيم": هو أبو محمد الأهوازيّ، ثقة [٧] ٣٣/ ٥٤٩١ منْ أفراد المصنّف.
وقوله:"بعه عصيرا الخ" الظاهر أن الضمير يعود إلى ما سبق فِي السؤال، كأن يسأله إنسان عن حكم بيع العصير، فأجابه بقوله:"بعه عصيرًا": أي يجوز لك بيعه مادام بصفة كونه عصيرا. وقوله:"ممن يتّخذه" يتعلّق بـ"بعه"، والاصل فِي باع أن يتعدّى بنفسه إلى مفعولين، وَقَدْ تدخل "منْ"، أو اللام عَلَى المفعول الأول، قَالَ الفيّوميّ: بعت الدار زيدًا يتعدّى إلى مفعولين، قَالَ: وتدخل "منْ" عَلَى المفعول الأول عَلَى وجه التأكيد، فيقال: بعت منْ زيد الدار، قَالَ: وربما دخلت اللام مكان "منْ" يقال: بعتك الشيء، وبعته لك، فاللام زائدة. انتهى.