للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالكسر والمدّ، وفسّره عمر -رضي الله عنه- بأنه (مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ، وَبَقِيَ ثُلُثُهُ) يعني أنه طُبخ حَتَّى ذهب ثلثا كمّيته، وبقي ثلثها، وإنما أمره بهذا لأنه ذهب ضررها، وهو الإسكار، وبقي نفعها، كما سيأتي فِي قوله: "حَتَّى يذهب منه نصيب الشيطان، فإن له اثنين، ولكم واحد". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث عمر رضي الله تعالى عنه هَذَا موقوف صحيح، وهو منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا -٥٣/ ٥٧١٧ - وفي "الكبرى" ٥٤/ ٥٢٢٤. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): فِي اختلاف أهل العلم فِي شرب الطلاء:

قَالَ الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه": ورأى عمر، وأبو عبيدة، ومعاذ شرب الطلاء عَلَى الثلث. وشرب البراء، وأبو جحيفة عَلَى النصف. وَقَالَ ابن عبّاس: اشرب العصير ما دام طريا.

قَالَ فِي "الفتح": قوله: ورأى عمر الخ: أي رأوا جواز شرب الطلاء، إذا طبخ فصار عَلَى الثلث، ونقص منه الثلثان.

قَالَ: فأما أثر عمر، فأخرجه مالك فِي "الموطإ" منْ طريق محمود بن لبيد الأنصاريّ: "أن عمر بن الخطاب، حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها، وقالوا: لا يصلحنا إلا هَذَا الشراب، فَقَالَ عمر: اشربوا العسل، قالوا: ما يصلحنا العسل، فَقَالَ رجال منْ أهل الأرض: هل لك أن تجعل لك منْ هَذَا الشراب شيئا لا يسكر، فَقَالَ: نعم، فطبخوه حَتَّى ذهب منه ثلثان، وبقي الثلث، فأتوا به عمر، فأدخل فيه إصبعه، ثم رفع يده، فتبعها يتمطط، فَقَالَ: هَذَا الطلاء مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه، وَقَالَ عمر: اللَّهم إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم".

وأخرج سعيد بن منصور منْ طريق أبي مِجْلز، عن عامر بن عبد الله، قَالَ: كتب عمر إلى عمار، أما بعد، فإنه جاءني عير تحمل شرابا أسود، كأنه طلاء الإبل، فذكروا أنهم يطبخونه حَتَّى يذهب ثلثاه الأخبثان، ثلث بريحه، وثلث ببغيه، فمر منْ قبلك أن يشربوه. ومن طريق سعيد بن المسيب: "أن عمر أحل منْ الشراب ما طُبخ، فذهب ثلثاه، وبقى ثلثه". وأخرج النسائيّ ٥٧١٩ - منْ طريق عبد الله بن يزيد الخطمي، قَالَ: "كتب عمر اطبخوا شرابكم حَتَّى يذهب نصيب الشيطان منه، فإن للشيطان اثنين، ولكم