إمام عصره فِي الآفاق، وأولاهم بذلك علما، وزهدا، وشجاعة، وسخاء.
وَقَالَ أبو وهب: مَرَّ عبد الله برجل أعمى، فَقَالَ: أسألك أن تدعو لي، فدعا، فرد الله عليه بصره وأنا أنظر. وَقَالَ الحسن بن عيسى: كَانَ مجاب الدعوة. وَقَالَ العجليّ: ثقة ثبت فِي الْحَدِيث، رجل صالح، وكان جامعا للعلم. وَقَالَ ابن حبّان فِي "الثقات": كَانَ فيه خصال لم تجتمع فِي أحد منْ أهل العلم فِي زمانه فِي الأرض كلها. وَقَالَ يحيى ابن يحيى الأندلسي: كنا فِي مجلس مالك، فاستؤذن لابد المبارك، فأذن، فرأينا مالكا تزحزح له فِي مجلسه، ثم أقعده بلصقه، ولم أره تزحزح لأحد فِي مجلسه غيره، فكان القارىء يقرأ عَلَى مالك، فربما مر بشيء، فيسأله مالك ما عندكم فِي هَذَا؟ فكان عبد الله يجيبه بالخفاء، ثم قَالَ: قام فخرج، فأعجب مالك بأدبه، ثم قَالَ لنا: هَذَا ابن المبارك، فقيه خراسان. وَقَالَ الخليلي فِي "الإرشاد": ابن المبارك الإمام المتفق عليه، له منْ الكرامات ما لا يحصى، يقال: إنه منْ الأبدال، وَقَالَ: كتبت عن ألف شيخ. وحكى الحسن بن عرفة عنه منْ دقيق الورع أنه استعار قلما منْ رجل بالشام، وحمله إلى خراسان ناسيا، فلما وجده معه بها، رجع إلى الشام حَتَّى أعطاه لصاحبه. وَقَالَ الأسود ابن سالم: إذا رأيت الرجل يغمز ابن المبارك، فاتهمه عَلَى الإسلام. وَقَالَ النسائيّ: لا نعلم فِي عصر ابن المبارك أجل منْ ابن المبارك، ولا أعلى منه، ولا أجمع لكل خصلة محمودة منه.
ومناقبه، وفضائله كثيرة جدا. وَقَالَ أحمد بن حنبل، وغير واحد: وُلد سنة ثمان عشرة ومائة. وَقَالَ ابن سعد: مات بهِيت منصرفا منْ الغزو، سنة إحدى وثمانين ومائة، وله ثلاث وستون سنة، طلب العلم، وروى رواية كثيرة، وصنف كتبا كثيرة، فِي أبواب العلم، وكان ثقة مأمونا، حجة، كثير الْحَدِيث. (١).
وأثر أبي أسامة هَذَا صحيح، تفرد به المصنّف، أخرجه هنا -٥٦/ ٥٧٥٤ - وفي "الكبرى" ٥٢٦٢. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".