ما هو؟ ما كنت سائلا عنه أمك فاسألني عنه، فقال لها: الرجل يصيب أهله فيكسل ولا ينزل؟ قالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فقال أبو موسى: لا أسأل أحدًا عن هذا بعدك أبدًا". ورواه الشافعي أيضًا عن مالك، وأخرجه البيهقي من طريقه، وقال الإمام أحمد: هذا إسناد صحيح إلا أنه موقوف على عائشة رضي الله عنها.
وقال أبو عمر: هذا الحديث موقوف في الموطأ عند جماعة من رواته، وروى موسى بن طارق أبو قرة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي موسى، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا التقى الختانان وجب الغسل". ولم يتابع على رفعه عن مالك. وأخرج الطحاوي أيضًا عن جابر بن عبد الله، قال: أخبرتني أم كلثوم عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع أهله، ثم يكسل، هل عليه من غسل؟، وعائشة جالسة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل".
قال الجمهور فهذه الآثار تخبر عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أنه كان يغتسل إذا جامع وإن لم ينزل.
وقالت الطائفة الأولى هذه الآثار تخبر عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد يجوز أن يفعل ما ليس عليه- يعني يفعله بطريق الاستحباب، لا بطريق الوجوب، فلا يتم الاستدلال بها، والآثار الأُوَلُ تُخبر عما يجب، وما لا يجب فهي أولى.
فأجاب الجمهور عن هذا، بأن هذه الآثار على نوعين: أحدهما "الماء من الماء" لا غير، فهذا ابن عباس رضي الله عنه قد روي عنه أنه قال: مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون هذا في الاحتلام، فقد أخرج الترمذي بسنده عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إنما الماء من الماء" في الاحتلام، يعني إذا رأى أنه يجامع، ثم لم ينزل، فلا غسل عليه (١).
(١) في إسناده لين لأنه من رراية شريك عن أبي الجحاف، لكن يشهد له حديث أبي بن كعب الآتي