وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه بسند رجاله ثقات عن رفاعة بن رافع قال: بينا أنا عند عمر بن عبد الخطاب رضي الله عنه إذ دخل عليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة، فقال عمر: عليَّ به، فجاء زيد، فلمارآه عمر، قال: أي عدو نفسه قد بلغت أنك تفتي الناس برأيك، فقال يا أمير المؤمنين بالله ما فعلت لكني سمعت من أعمامي حديثا، فحدثت به: من أبي أيوب، ومن أبي بن كعب، ومن رفاعة بن رافع، فأقبل عمر على رفاعة بن رافع، فقال: وقد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم من المرأة، فأكسل لم يغتسل؟، فقال: قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يأتنا فيه تحريم، ولم يكن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه نهي، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم ذلك؟ قال: لا أدري، فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار، فجمعوا له فشاورهم، فأشار الناس أن لا غسل في ذلك إلا ما كان من معاذ، وعلي رضي الله عنهما، فإنهما قالا:"إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فقال عمر رضي الله عنه: هذا وأنتم أصحاب بدر، وقد اختلفتم، فَمَنْ بعدكم أشد اختلافًا، فقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إنه ليس أحد أعلم بهذا ممن سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه، فأرسل الى حفصة؟ فقالت: لا علم بهذا، فأرسل إلى عائشة، فقالت: "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل"، فقال عمر رضي الله عنه: لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربًا. ورواه الطحاوي، وفيه: "لا أعلم أحدًا فعله ثم لم يغتسل إلا جعلته نكالا". وقد أطال العيني الكلام في هذا البحث في العمدة فانظر فيه ج ٣ ص ٢٤٧ - ٤٥٠.
قال الجامع عفا الله عنه: الحاصل أن الراجح هو ما عليه الجمهور من أن التقاء الختانين يوجب الغسل بلا إنزال، لوضوح نسخه بما ذكر من الأدلة الصحيحة الصريحة فيه، ولو فرض عدم تأخرها لم ينتهض