"المسألة الثامنة" أنه تقدم في رواية مسلم بدل قوله: "في وَضوئه في إنائه" وفي رواية "في الإناء"، وهو يدل على أن النهي مخصوص بالأواني دون البرك والحياض التي لا يخاف فساد مائها بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها، ولذلك قال قيس الأشجعي لأبي هريرة حين حدث بهذا فكيف إذا جئنا مهراسكم (١) هذا؟ فكيف نصنع به؟، فقال أبو هريرة أعوذ بالله من شَرِّكَ، رواه البيهقي، فكره أبو هريرة ضرب الأمثال للحديث، وكذلك ما رواه الدارقطني، والبيهقي من حديث ابن عمر في هذا الحديث فقال له رجل: أرأيت إن كان حوضا فحصبه ابن عمر، وقال: أخبرك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول: أرأيت إن كان حوضا فكره ابن عمر ضرب الأمثال بحديثه - صلى الله عليه وسلم - وكان شديد الاتباع للأثر، قال العراقي: ولهذا قال أصحابنا يعني الشافعية أنه إذا كان الإناء كبيرا لا يمكنه تحريكه ولم يجد إناء يغترف به أخذ الماء منه بفمه" أو بطرف ثوبه النظيف، وغسل به يده، أو يستعين بمن يصب عليه، وهذا كله عند الشك في النجاسة. اهـ طرح، جـ ٢/ ص ٤٤، ٤٥.
"المسألة التاسعة" أنه اختلف العلماء في الأمر بذلك هل هو تعبد، أو معقول المعنى؟ فقال بعضهم: هو تعبد حتى إن من تحقق طهارة يده في نومه بأن لَفّ عليها ثوبا أو خرقة طاهرة واستيقظ وهو كذلك كان مأمورا بغسلها لعموم أمر المستيقظ بذلك، وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، وهو مشهور مذهب مالك أنه يستحب وإن تيقن طهارة يده، وأظهر الوجهين عند أصحاب الشافعي كما قال الرافعي. أنه لا يكره غمس اليد للمستيقظ مع تيقن طهارة يده لأنه إنما أمر بذلك لاحتمال النجاسة بدليل قوله في آخر الحديث: "فإنه لا يدري أين باتت يده" فعلل الأمر باحتمال طرو نجاسة على يده.
(١) المهراس: بكسر الميم حجر مستطيل ينقر ويدق فيه ويتوضأ منه. اهـ مصباح.