وإذا قلنا: إنه معقول المعنى وأن الشارع أشار إلى العلة بقوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده" فقد اختلف في سبب ذلك فقال الشافعي رضي الله عنه: معناه أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارَّة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على بثرة، أو قملة، أو قذر، أو غير ذلك.
وقال أبو الوليد الباجي: اختلف في سبب غسل اليد للمستيقظ، فقال ابن حبيب: إمّا لعله قد مسّ من نجاسة خرجت منه، ولم يعلم بها، أو غير نجاسة مما يقذر، وقيل: لأن أكثرهم كانوا يستجمرون، وقد يمس بيده أثر النَّجْو قال: وليس ذلك ببين؛ لأن النجاسات لا تخرج في الغالب إلا بعلم منه، وما لم يعلم به فلا حكم له، ومع الاستجمار لا تناله يد النائم إلا مع القصد لذلك، ولو كان غسل اليدين لتجويز ذلك لأمر بغسل الثياب لجواز ذلك عليها، قال: والأظهر ما ذهب إليه العراقيون من المالكية وغيرهم: أن النائم لا يكاد تسلم يده من حك مغابنه أو بثرة في بدنه وموضع عرقه وغير ذلك فاستحب له غسل يده مطلقا. انتهي. حاصل كلامه.
قال العراقي رحمه الله تعالى: وقوله إن موضع الاستجمار لا تناله يد النائم إلا مع القصد لذلك ليس كذلك، واعتراضه بالثياب ليس بجيد لمعنيين:(أحدهما): أنه ربما كان العرق في يده دون محل الاستنجاء فتتأثر اليد دون الثوب. (الثاني): أنه لا يريد غمس ثوبه في الماء حتي يؤمر بغسل ثوبه، وأما اليد فأمر بذلك لأن أثر الاستنجاء لا يعفي عنه في الماء بدليل أنه لو نزل مستجمر في ماء قليل تنجس، وان كان قد عفي عن أثر الاستنجاء فهو بالنسبة إلى المحل المعفو عنه، وما رجحه من أن العلة حك بثرة أو ما يقذر فهو في كلام الشافعي رضي الله عنه مذكور. اهـ طرح جـ ٢/ ص ٤٦.