إذا لم يره أحد، فذهب ابن أبي ليلى إلى وجوبه مستدلا بحديث يعلى ابن منية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يغتسل بالبراز فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:"إن الله عز وجل حليم حيي سَتير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر" أخرجه المصنف وغيره، وسيأتي في كتاب الغسل ٧/ ٤٠٦، وبحديث أبي السمح هذا، وبحديث أم هانئ الآتي، وبحديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا نبي الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال:"احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك". قلت: يا رسول الله أحدنا إذا كان خاليا؟ قال:"الله أحق أن يستحى منه من الناس". أخرجه أصحاب السنن وغيرهم، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم، وعلقه البخاري بصيغة الجزم، قاله في الفتح.
وذهب جمهور العلماء إلى أن المغتسل وحده تستره أفضل، وليس بواجب عليه، وهو الذي اختاره البخاري، حيث قال: باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة، ومن تستر فالتستر أفضل.
واحتجوا بما أخرجه البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب مرة يغتسل، فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فخرج موسى في إثره يقول: ثوبي يا حجر، حتى نظرت بنوا إسرائيل إلى موسى، فقالوا: والله ما بموسى من بأس، وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا" فقال أبو هريرة: والله إنه لندب بالحجر ستة، أو سبعة ضربًا بالحجر. رواه البخاري.
وبحديث أبي هريرة أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا أيوب يغتسل عريانا