(ما يكفي) في الغسل (صاع ولا صاعان) وذلك لكونهم متساهلين في استعمال الماء، بلا مبالاة (قال جابر) رضي الله عنه (قد كان) الصاع (يكفي من كان خيرا منكم) وعند البخاري "خيرا منك" بالإفراد حيث أفرد السائل، يريد به النبي - صلى الله عليه وسلم - (وأكثر شعرا) أي منكم، ومراد جابر بذلك إرشادهم إِلى هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -, لأن هديه خير الهدي في جميع الأمور، فلا ينبغي العدول عنه لوسوسة ولا غيرها زاد البخاري:"ثم أمنَّاَ في ثوب".
قال الحافظ: فاعل أمنا هو جابر، ولا التفات إلى من جعله من مقوله، والفاعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لما يأتي واضحًا من فعل جابر في كتاب الصلاة.
مسائل تتعلق بهذا الحديث
المسألة الأولى: في درجته: حديث جابر رضي الله عنه هذا أخرجه البخاري في الصحيح.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكره عند المصنف. أخرجه هنا ١٤٤/ ٢٣٠ وفي الكبرى ١٣٣/ ٢٣٣ عن قتيبة، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي جعفر محمَّد بن علي، عنه.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه: أخرجه (خ) في الطهارة عن عبد الله ابن محمَّد، عن يحيى بن آدم، عن زهير، عن أبي إسحاق به.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده.
المسألة الرابعة: في فوائده: من فوائد هذا الحديث ما ترجم له المصنف، وهو مقدار ما يكتفي به الرجل من الماء للغسل، وبيان ما كان عليه السلف من الاحتجاج بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -، والانقياد إلى ذلك، وجواز الرد بعنف على من يماري بغير علم إذا قصد الرادُّ إيضاح الحق، وتحذير السامعين من مثل ذلك، وكراهية التنطع والإسراف في الماء. أفاده في الفتح. وتقدمت بنية المسائل في ٥٩/ ٧٣. فارجع إليها تزدد علمًا.