وأسابقه إليه، وفيه دليل على أن لكل منهما استعمال فضل الآخر؛ لأنه لو لم يجز ذلك لما سابق أحدهما الآخر، لاستلزامه إفساد الماء عليه (حتى يقول دعي لي) أي اتركي لي الماء (وأقول أنا) ضمير منفصل مؤكد للمتصل (دع ليّ) و"حتى" غاية للمبادرة، أي تكون غاية المبادرة حتى يخاف علي أن أفني الماء قبل إكماله الطهارة، فيقول "دعي لي" وأخاف عليه ذلك فأقول "دع لي".
(قال سويد) بن نصر في روايته لهذا الحديث (ييادرني وأبادره فأقول: دع لي دع لي) يعني أنه جعل قول "دع لي" لعائشة فقط.
(تنبيه)"دعْ" فعل أمر من ودعه يدعه: إذا تركه، وأصل المضارع الكسر، ومن ثم حذفت الواو ثم فتح لمكان حرف الحلق، قال بعض المتقدمين: وزعمت النحاة أن العرب أماتت ماضي يدع، ومصدره واسم فاعله، وقد قرأ مجاهد، وعروة، ومقاتل، وابن أبي عَبْلَةَ، ويزيد النحوي:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ}[الضحى: ٣] بالتخفيف، وفي الحديث "لينتهين أقوام عن وَدْعهم الجمعات" أي عن تركهم، فقد رويت هذه الكلمة عن أفصح العرب، ونقلت من طريق القراء فكيف يكون إماتةً، وقد جاء الماضي في بعض الأشعار، وما هذا سبيله فيجوز القول بقلة الاستعمال، ولا يجوز القول بالإماتة. اهـ المصباح المنير.
مسائل تتعلق بهذا الحديث
المسألة الأولى في درجته: حديث عائشة رضي الله عنها هذا صحيح.
المسألة الثانية: في بيان مواضعه عند المصنف: أخرجه هنا -١٤٨/ ٢٣٩ - وفي الكبرى -١٣٦/ ٢٤١ - عن بندار، عن غندر، عن عاصم الأحول، عن معاذة، عنها.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه: أخرجه (م) في الطهارة ٤٤/ ٧ عن يحيى بن يحيى، عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، عن عاصم الأحول، به.
المسألة الرابعة: في فوائده: من فوائد هذا الحديث ما ترجم له المصنف، وهو جواز الاغتسال بفضل الجنب، وذلك أنه إن كان مراد عائشة رضي