للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الله عنها بقولها "من إناء واحد، يبادرني" الخ، أن كل واحد منهما يغتسل مبادرًا فيغتسل بعده الآخر، فالاستدلال به واضح، وإن كان مرادها أنهما يتسابقان في آن واحد في الاغتراف كما هو الظاهر من السياق، فوجه الاستدلال به أنه إذا اغترف أحدهما قبل الآخر، وهو جنب، واغترف الآخر بعده، فقد استعمل فضل الجنب.

وفيه جواز اشتراك الرجل مع امرأته في الغسل، وأن الاغتراف لا يصير به الماء مستعملا، وإن لم ينو الاغتراف، كما يقول به بعض العلماء، وفيه جواز كلام المغتسل أثناء الاغتسال، وليس كحالة الغائط. وفيه ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليه من مكارم الأخلاق حيث أنه يلاطف زوجاته، ويعاشرهن عشرة حسنة، فكان خير الناس في ذلك، كما قال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". أخرجه الترمذي، وقال صحيح حسن غريب من هذا الوجه. والله أعلم.

المسألة الخامسة: في مذاهب العلماء في تطهير كل واحد من الرجل والمرأة بفضل الآخر:

اختلف أهل العلم في هذا الباب على مذاهب:

أحدها: المنع من تطهير الرجل بفضلها، مطلقا سواء أشَرَعا معًا في الطهارة أم لا، خلت به أم لا، حائضا كانت، أم لا، جنبا كانت أم لا، وهو قول عمر بن الخطاب، وعبد الله بن سرجس، والحكم بن عمرو الغفاري، وسعيد بن المسيب، وابن حزم، واحتجوا بالحديث السابق في الباب الماضي. وأجيب عنه بما سيأتي قريبًا.

الثاني: المنع فيما إذا خلت به، والجواز إذا تطهرا معًا وإليه ذهب داود، إسحاق، وأحمد في رواية عنه قائلا: إن الأحاديث في جواز ذلك ومنعه مضطربة، لكن صح عن عدة من الصحابة المنع فيما إذا خلت به، وأجيب بأن اضطراب الأحاديث إنما يضر عند تعذر الجمع، وهو هنا ممكن يحمل أحاديث النهي على التنزيه، وبأن الجواز مطلقًا روى عن جمع من الصحابة منهم علي، وابن عباس، وجابر، وأبو هريرة،