السادس: جواز تطهير كل بفضل طهور الآخر مطلقًا، وهو مذهب الجمهور، وروي عن أحمد، وهو المختار، لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من تطهره - صلى الله عليه وسلم - بفضل بعض أزواجه، وتطهره معهن، وأجابوا عن أحاديث النهي بحملهما على ما تساقط من الأعضاء، أو أن النهي محمول على التنزيه، على أن الخطابي قال: إن أحاديث النهي إن ثبتت فهي منسوخة.
قال الجامع عفا الله عنه: دعوى النسخ غير صحيح، لعدم العلم بالتاريخ, ولأنه لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع، وهو هنا ممكن يحمل النهي على التنزيه بنرينة الأحاديث الدالة على الجواز. كما قاله الحافظ في الفتح.
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله: لا يقال: إن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعارض قوله الخاص بالأمة (١) , لأنا نقول: إن تعليله الجواز بأن الماء لا يجنب مشعر بعدم اختصاص ذلك به. وأيضا النهي غير مختص بالأمة لأن صيغة الرجل تشمله - صلى الله عليه وسلم - بطريق الظهور، وقد تقرر دخول المخاطب في خطاب نفسه، نعم لو لم يرد ذلك التعليل كان فعله - صلى الله عليه وسلم - مخصصا له من عموم الحديثين السابقين -يعني حديث الحكم الغفاري، وحديث الرجل الذي صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين-.
قال الجامع عفا الله عنه: والحاصل أن أقوى المذاهب مذهب من قال بالجواز مطلقًا لقوة دليله، والله أعلم.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
(١) القول بأن الفعل لا يعارض القول -كما يذهب إليه الشوكاني، وبعض الأصوليين- غير صحيح، بل الصواب أن الفعل كالقول، في المعارضة، وقد حققته في غير هذا المحل فتنبه، والله ولي التوفيق.