المغني: لا نعلم فيه خلافا، إلا ماح كي عن ابن أبي ليلى والأصم في المياه المعتصرة أنها يرفع بها الحدث ويزال بها النجس, ولأصحاب الشافعي وجه في ماء الباقلا المغلى، وسائر من بلغنا قوله من أهل العلم على خلافهم. قال أبو بكر بن المنذر: أجمع كل من نحفظ قوله من أهل العلم أن الوضوء غير جائز بماء الورد، وماء الشجر، وماء العصفر، ولا تجوز الطهارة إلا بماء مطلق يقع عليه اسم الماء.
النوع الثاني: ما خالطه طاهر يمكن التحرز منه فغير إحدى صفاته -طعمه، أو لونه، أو ريحه- كماء الباقلاء، وماء الحمص، وماء الزعفران، فقد اختلف أهل العلم في جواز الوضوء به، فقيل لا يجوز التطهر به، وإليه ذهب مالك، والشافعي وإسحاق، وهو رواية عن أحمد، وهي أصح الروايتين في مذهبه، وفيه رواية عنه: يجوز، وبه يقول أبو حنيفة، وأصحابه؛ لأن الله تعالى قال:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}[المائدة: ٦] وهذا عام في كل ماء؛ لأنه نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تعم، فلا يجوز التيمم مع وجود الماء، وأيضًا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي ذر رضي الله عنه:"التراب كافيك ما لم تجد الماء" وهذا واجد للماء، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يسافرون، وغالب أسقيتهم الأدم، والغالب أنها تغير الماء، ولم ينقل تيمم مع وجود شيء من تلك المياه. ولأنه طهور خالطه طاهر لم يسلبه اسم الماء ولا رقته ولا جريانه فأشبه المتغير بالدهن. ووجه الأول أنه ماء تغير بمخالطة ما ليس بطهور يمكن الاحتراز منه، فلم يجز الوضوء به كماء الباقلا المغلى، ولأنه زال عن إطلاقه، فأشبه المغلى.
قال الجامع عفا الله عنه: قول من قال بالجواز هو الراجح عندي لأن حديث الباب نص فيه، وللأدلة التي ذكرها المجوزون. والله أعلم.
النوع الثالث: من المضاف ما يجوز به التطهر اتفاقا، وهو على أربعة أنواع.