فسخ، وجعلته عمرة، وأهلت بها، ثم إنها لم تحل منها حتى حاضت فتعذر عليها إتمامها، والتحلل منها فأمرها أن تحرم بالحج، فأحرمت، فصارت قارنة، ووقفت، وهي حائض، ثم طهرت يوم النحر، فأفاضت، وذكر ابن حزم أنه - صلى الله عليه وسلم - خيرهم بسرف بين فسخه إلى العمرة، والتمادي عليه، وأنه بمكة أوجب عليهم التحلل إلا من صحب معه الهدي، والصحيح أنها حاضت بسرف أو قريب منها، فلما قدم مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوها عمرة".
وقال أبو عمر: الاضطراب عن عائشة في حديثها في الحج عظيم، وقد أكثر العلماء في توجيه الروايات فيه ودفع بعضهم بعضا فيه، ولم يستطيعوا الجمع بينها، ورام قوم الجمع في بعض معانيها. روى محمَّد بن عبيد، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، قال: ألا تعجب من اختلاف عروة والقاسم، قال القاسم: أهلت عائشة بالحج، وقال عروة: أهلت بالعمرة. وذكر الحارث بن مسكين، عن يوسف بن عمرو، عن ابن وهب، عن مالك، أنه قال: ليس العمل في رفض العمرة لأن العمل عليه عنده في أشياء كثيرة، منها أنه جائز للإنسان أن يهل بعمرة، ومنها أن القارن يطواف طوافًا واحدًا وغير ذلك.
وقال ابن حزم في "المحلى": حديث عروة، عن عائشة منكر وخطأ عند أهل العلم بالحديث، ثم روى بإسناده إلى أحمد بن حنبل، فذكر حديث مالك، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة:"خرجنا مع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع" الحديث ..
فقال أحمد: أشعر في هذا الحديث من العجب خطأ، قال الأثرم: فقلت له: الزهري، عن عروة، عن عائشة بخلافه؟ قال: نعم، وهشام ابن عروة.