وفي التمهيد: دفع الأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وابن علية، حديث عروة هذا، وقالوا: هو غلط لم يُتَابع عروةَ على ذلك أحد من أصحاب عائشة، وقال إسماعيل بن إسحاق: قد اجتمع هؤلاء -يعني القاسم، والأسود، وعمرة- على أن أم المؤمنين كانت محرمة بحجة لا بعمرة، فعلمنا بذلك أن الرواية عن عروة غلط. أفاده البدر العيني في عمدته ج ٣ ص ٢٨٩، وسيأتي تحقيق المسألة وترجيح القول الراجح بدليله في كتاب الحج إن شاء الله تعالى.
(فقدمت مكة) بفتح القاف وكسر الدال، يقال قدم الرجل البلد يقدَمه، من باب تعب، قُدُومًا ومَقدمًا بفتح الميم والدال: إذا دخله (وأنا حائض) جملة في محل نصب على الحال من الفاعل، وكانت حاضت بسرف، وهو على وزن تَعب وجَهْل، موضع قريب من التنعيم، وبه تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة الهلالية، وبه توفيت، ودفنت. قاله في المصباح (فلم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة) أي لكونها حائضا لا تدخل المسجد (فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي عدم تمكنها من الطواف بسبب الحيض، يقال: شكا همه يشكو شكْوًا، وشكوى، وشكاةً: أبداه متوجعا، وفي التنزيل:{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: ٨٦]. أفاده في المعجم الوسيط (فقال) - صلى الله عليه وسلم - (انقضي رأسك) أي حُلِّي شعره، فهو على حذف مضاف. وهذا هو موضع استدلال المصنف على ما ترجم له، حيث أمرها - صلى الله عليه وسلم - بنقض شعرها المضفور، وأشار بالترجمة إلى أن ذلك الاغتسال هو الاغتسال للنظافة للإحرام، لا للحيض، حيث قال:"باب ذكر الأمر بذلك -أي نقض الضفر- للحائض عند الاغتسال للإحرام"، فهي وقت الاغتسال حائض، فلا يتم الاستدلال بهذا الحديث على وجوب نقض الضفر عند الاغتسال للطهارة من الحيض، كما استدل به بعضهم، وقد تقدم تحقيق ذلك في الباب