تأخر عن الصلاة معه في السفر في قضية المزادتين، واعتذر بأنه جنب فأعطاه إناء، وقال:"اذهب فأفرغه عليك" وحديث أبي ذر رضي الله عنه: "فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك" وكل هذه الأحاديث صحيحة معروفة، وغير ذلك من الأحاديث، وأما وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - في غسله فمحمول على الاستحباب، جمعا بين الأدلة. قاله النووي في المجموع ج ٢ ص ١٨٦.
وذهب جماعة منهم أبو ثور، وداود، وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث، قال الشوكاني: وهو قول أكثر العترة، قال ولا شك في مشروعية الوضوء مقدّما على الغسل كما ثبتت بذلك الأحاديث "الصحيحة" وأما الوجوب فلم يدل عليه دليل، والفعل المجرد لا ينتهض للوجوب. اهـ.
قال الجامع عفا الله عنه: قول الجمهور هو الراجح، للأدلة التي مرت في قول النووي، وهي الصارفة عن كون فعله - صلى الله عليه وسلم - بيانًا لمجمل آية الغسل، ولولا هذه الأدلة لقلنا بقول من قال بالوجوب حيث إن فعله صدر بيانًا للمجمل. فتأمل. والله أعلم.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".