للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثلاث حفنات كل واحدة منهن بملء الكفين جميعًا، ويدل عليه ما رواه أحمد في مسنده: "فآخذ ملء كفي ثلاثًا، فأصبّ على رأسي"، أفاده العيني، ودل قوله: "ثلاث أكف" على أن المراد بكذا وكذا أكثر من ذلك، ودل أيضا على أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يفيض أكثر من ثلاث.

(تنبيه) "أمَّا" في قوله: "أما أنا فأفيض" الخ حرف شرط، وتوكيد دائمًا، وتفصيل غالبًا. وهي بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وقد تبدل ميمها الأولى ياء تخفيفا كقوله (من الطويل):

رَأتْ رَجُلًا أيْمَا إذَا الشَّمْسُ عَرَّضتْ … فَيَضْحَى وَأيْمَا بالعَشيِّ فَيَخْصَرُ

أما كونها حرف شرط فبدليل لزومها الفاء بعدها نحو {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ. .} [البقرة: ٢٦].

وأماكونها للتوكيد، فقد بينه الزمخشري، فقال: فائدة "أما" في الكلام أن تعطيه فضل توكيد تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت توكيد ذلك، وأنه لا محالة ذاهب، وأنه بصدد الذهاب، وأنه منه عزيمة، قلت: أمَّا زيد فذاهب.

وأما كونها للتفصيل فهو غالب أحوالها كما في الآية السابقة، وكما في قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ .. وَأَمَّا الْغُلَامُ .. وَأَمَّا الْجِدَارُ ..} [الكهف: ٧٩ - ٨٢].

وقد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر، أو بكلام يذكر بعدها في موضع ذلك القسم، والأول نحو {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ} [النساء: ١٧٤، ١٧٥] أي وأما الذين كفروا بالله فلهم كذا وكذا. والثاني: نحو {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغ