فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: ٧] أي وأما غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه إلى ربهم، ويدل على ذلك {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} أي كل من المتشابه، والمحكم من عند الله، والإيمان بهما واجب، وكأنه قيل: وأما الراسخون في العلم فيقولون .. الخ.
وقد تأتي "أما" لغير تفصيل أصلا، نحو أما زيد فمنطلق. انظر تفصيل الكلام في مغني اللبيب ج ١ ص ٥٣ - ٥٤ فإنه حَبَّر المسألة أحسن تحبير، وقررها أجمل تقرير، على عادته المستمرة. فلله دره عالمًا رحمه الله.
إذا تقرر هذا، فأما في هذا الحديث يحتمل أن تكون للتفصيل حذف قسيمها لدلالة الكلام عليه، فكأنه قال: أما أنا فأفيض الخ، وأما أنتم فتعملون خلافه، أو نحو ذلك، فقول بعض القوم: إني لأغسل كذا وكذا يدل عليه، ويحتمل أن تكون لمجرد التوكيد، فلا تفصيل فيها, ولا تحتاج إلى تكرارها، كما تقدم في أما زيد فمنطلق. والحاصل أنها محتملة للوجهين فلا معنى لاعتراض العيني علي الكرماني، والحافظ في هذا التقدير، ولا سيما والكرماني صرح بأن هذا القدير ليس لازما، فقال ما نصه:"أما" للتفصيل فأين قسيمه؟ قلت: اقتضاء القسيم غير واجب، ولئن سلمنا فهو محذوف يدل عليه السياق إلى آخر كلامه. فكلامه موافق لما ذكرناه من القاعدة فلا يعترض عليه. فتأمل. والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلق بهذا الحديث
المسألة الأولى: في درجته: حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكره عند المصنف: أخرجه المصنف هنا ١٥٨/ ٢٥٠ وفي الكبرى ١٤٠/ ٢٤٧ عن قتيبة، عن أبي الأحوص، عن