ولم يرد في الحديث إلا مطلق الغسل من غير ذكر تكرار، فقد يؤخذ منه الاكتفاء بغسلة واحدة من حيث إن الأصل عدم غسله ثانيا. اهـ إحكام ج ١ ص ٣٨٠ - ٣٨١.
قال الجامع عفا الله عنه: الاكتفاء هو الذي لا يتجه غيره وهو الذي صححه النووي رحمه الله.
(ثم ضرب بشماله) التي غسل بها فرجه (الأرض فدلكها) أي الشمال، (دلكا شديدا) مصدر مبين للنوع، والدلك مصدر دلك الشيء يدلكه من باب نصر، إذا مَرَسَه وعَركَه، قال الشاعر (من الرجز):
أي حكَّ شماله على الأرض بقوة، مبالغة في التنظيف. وفيه استحباب مسح اليد بالأرض، أو الحائط عقب الاستنجاء بالماء، لكمال الإنقاء.
قال ابن دقيق العيد رحمه الله: وضربه - صلى الله عليه وسلم - بالأرض أو الحائط لإزالة ما لعله علق باليد من الرائحة، زيادةً في التنظيف. ثم قال: إذا بنيت رائحة النجاسة بعد الاستقصاء في الإزالة لم يضر على مذهب بعض الفقهاء، وفي مذهب الشافعي خلاف، وقد يؤخذ العفو عنه من هذا الحديث،
ووجهه: أن ضربه - صلى الله عليه وسلم - بالأرض أو الحائط لابد وأن يكون لفائدة، ولا
جائز أن يكون لإزالة العين؛ لأنه لا تحصل الطهارة مع بقاء العين اتفاقا، وإذا كانت اليد نجسة ببقاء العين فيها فعند انفصالها ينجس المحل بها، وكذلك لا يكون للطعم؛ لأن بناء الطعم دليل على بناء العين، ولا يكون لإزالة اللون, لأن الجنابة بالإنزال، أو بالمجامعة لا تقتضي لونا يلصق باليد، وإن اتفق فنادر جدّا، فبني أن يكون لإزالة الرائحة، ولا يجوز أن يكون لإزالة رائحة تجب إزالتها؛ لأن اليد قد انفصلت عن المحل على أنه