قد طهر، ولو بقي ما تتعين إزالته من الرائحة لم يكن المحل طاهرا لأنه عند الانفصال تكون اليد نجسة، وقد لابست المحل مبتلا فيلزم من ذلك أن يكون بعض الرائحة معفوًا عنه، ويكون الضرب على الأرض لطلب الأكمل فيما لا تجب إزالته، ويحتمل أن يقال: فصل اليد عن المحل بناء على ظن طهارته بزوال رائحته، والضرب على الأرض لإزالة احتمال في بقاء الرائحة مع الاكتفاء بالظن في زوالها، والذي يقوي الاحتمال الأول ما ورد في الحديث الصحيح من كونه - صلى الله عليه وسلم - "دلكها دلكا شديدًا"، والدلك الشديد لا يناسبه هذا الاحتمال الضعيف اهـ إحكام ج ١ ص ٣٨١ - ٣٨٣.
قال الجامع عفا الله عنه: كلامه كله مبني على كون المني ورطوبة الفرج نجسين، وفيه أقوال للعلماء، وسيأتي تحقيق المسألة في محلها إن شاء الله تعالى.
(ثم توضأ وضوءَه للصلاة) أي مثل وضوئه لها، قال ابن دقيق العيد: يقتضي استحباب تقديم الغسل لأعضاء الوضوء في ابتداء الغسل، ولا شك في ذلك، نعم يقع البحث في أن هذا الغسل لأعضاء
الوضوء، هل هو وضوء حقيقة، فيكتفى به عن غسل هذه الأعضاء للجنابة؟ فإن موجب الطهارتين بالنسبة إلى هذه الأعضاء واحد، أو يقال: إنَّ غسلها إنما هو عن الجنابة، وإنما قدمت على بنية الجسد تكريمًا لها وتشريفًا، ويسقط غسلها عن الوضوء باندراج الطهارة الصغرى تحت الكبرى. فقد يقول قائل: قولها: "وضوءه للصلاة" مصدر مشبه به تقديره وضوءا مثل وضوئه للصلاة، فيلزم من ذلك أن تكون هذه الأعضاء المغسولة مغسولة عن الجنابة؛ لأنها لو كانت مغسولة عن الوضوء حقيقة لكان قد توضأ عين الوضوء للصلاة، فلا يصح التشبيه، لأنه يقتضي تغاير المشبه والمشبه به، فإذا جعلناها مغسولة للجنابة صح