وجوابه بعد تسليم كونه مصدرا مشبها به من وجهين: أحدهما: أن يكون شبه الوضوء الواقع في ابتداء غسل الجنابة بالوضوء للصلاة في غير غسل الجنابة، والوضوء بقيد كونه في غسل الجنابة مغاير للوضوء بقيد كونه خارجا عن غسل الجنابة، فيحصل التغاير الذي يقتضي صحة التشبيه، ولا يلزم منه عدم كونه وضوءًا للصلاة حقيقة.
الثاني: لما كان وضوء الصلاة له صورة معنوية ذهنية شبه هذا الفرد الذي وقع في الخارج بذلك المعلوم في الذهن، كأنه يقال: أوقع في الخارج ما يطابق الصورة الذهنية لوضوء الصلاة. اهـ احكام ج ١ ص ٣٧٢ - ٣٧٤.
قال الجامع عفا الله عنه: حاصل كلامه أنه يرجح الوجه الأول، وهو كونه وضوءًا حقيقة، وهو الموافق لظاهر الحديث. والله أعلم.
ثم إن رواية المصنف هكذا "ثم توضأ وضوءه للصلاة" وقد وقعت مفصلة في رواية عند البخاري وغيره: حيث قالت: "ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه ويديه" الحديث (ثم أفرغ على رأسه) أي صب عليها (ثلاث حثيات) أي ثلاث غرفات، وتقدم معنى الحثيات.
(ملء كفيه) بالتثنية في الهندية، وبالإفراد في المصرية، والمراد به الكفان؛ لأن المفرد المضاف يعم، فلا تخالف بين النسختين (ثم غسل سائر جسده) أي بنيته، فإنها ذكرت الرأس أوَّلًا. والأصل في "سائر" أن تستعمل بمعنى البنية، وقالوا: هو مأخوذ من السؤر. قال الشنفري (من الطويل):