قال: وقد جمع بين الروايتين أبو العباس بن سريج فأحسن الجمع، وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ -يعني الحاكم- قال: سألت أبا الوليد الفقيه، فقلت: أيها الأستاذ قد صح عندنا حديث الثوري، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء"، وكذلك صح حديث نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن عمر قال: يا رسول الله أينام أحدنا، وهو جنب؟ قال:"نعم إذا توضأ"، فقال لي أبو الوليد: سألت أبا العباس بن سريج عن الحديثين؟ فقال الحكم بهما جميعًا، أما حديث عائشة فإنما أرادت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يمس ماء الغسل، وأما حديث عمر فمفسر ذكر فيه الوضوء، وبه نأخذ. اهـ السنن الكبرى ج ١ ص ٢٠٢.
وجمع ابن التركماني في الجوهر النقي جمعًا آخر، وهو أن يحمل الأمر بالوضوء على الاستحباب، وفعله على بيان الجواز، فلا تعارض، قال: ويؤيد ذلك ما في صحيح ابن حبان عن عمر أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال: نعم، ويتوضأ إن شاء. اهـ
قال الحافظ: وقال الدراقطني في العلل: يشبه أن يكون الخبران صحيحين، قاله بعض أهل العلم. اهـ تلخيص ج ١ ص ١٤١.
قال الجامع عفا الله عنه: الذين ضعفوا هذه الرواية منهم من عللها بالمخالفة كما تقدم، ومنهم من عللها بأن أبا إسحاق لما اختصر حديث عائشة الطويل أخطأ في اختصاره، وممن قال بهذا الطحاوي وابن العربي المالكي، فقد ذكرا الحديث بطوله، ثم بينا وجه خطئه، ودعواهما هذه غير مقبولة، فإن أبا إسحاق حافظ عارف بكيفية اختصار الحديث، وقد تَثَبَّتَ في روايته وصرح بالسماع، ويؤيده كما قال الحافظ في التلخيص ما رواه هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة، مثل روايته،