وقد قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد علمت، قال: ألم يقل: "إلا ما كان رقما في ثوب"؟ قال: بلى، ولكنها أطيب لنفسي.
فتبين بهذا أن هذا الاستثناء مرفوع.
قال الجامع: فهذا الحديث يدل على جواز الصور الرقمية، وتأويل النووي له بأنه محمول على رقم على صورة الشجرة وغيره مما ليس بحيوان غير صحيح, لأن تصوير الشجر ونحوه مما ليس بحيوان ليس محرما كيفما كان شكله ثم إن هذا الرقم في الثوب مقيد بما إذا لم يكن معلقًا على جدار أو سترا، بدليل حديث عائشة رضي الله عنها أنها نصبت سترا، وفيه تصاوير، فدخل رسول - صلى الله عليه وسلم - فنزعه، قالت: فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما. متفق عليه. وفي لفظ أحمد: فقطعته مرفقتين، فلقد رأيته متكئا على إحداهما، وفيها صورة.
فدل هذا على أن ما كان رقمًا في ثوب إذا كان معلقًا على الحيطان ونحوها فإنه ممنوع، ودل لفظ أحمد أيضا على أن تلك الصورة التي كانت على الستر ما تغيرت إنما غير الستر فجعل وسادة مع بناء الصورة، فكونها ممتهنة توطأ هو الذي أباحها.
وأما حديث النمرقة المتقدم الذي استدل به النووي على تحريم الصورة مطلقًا، فلا يخالف هذا، فقد بين مسلم بعد أن ساقه على اللفظ المتقدم، فقال: وزاد في حديث ابن أخي الماجشون: "قالت: فأخذته فجعلته مرفقتين فكان يرتفق بهما في البيت".
فبان بهذا الزيادة أنه على معنى حديث نصب الستر، فقد أنكر عليها النمرقة فلما غيرتها وجعلتها مرفقتين أقرها عليه، وأن النمرقة يخالف معنى المرفقة. فإنها قد تفسر بغير المرفقة، قال في اللسان: النُّمْرُق، والنُّمْرُقة: الوسادة، وقيل: وسادة صغيرة وربما سموا الطِّنفسَهُ التي