الواردة في هذا الباب أن الصور محرمة بجميع أنواعها إلا ما كان رقما في ثوب، أو كان ممتهنا يوطأ، أو على وسادة ونحوها، أو كان مقطوع الرأس حتى خرج من شكل الحيوان إلى شكل آخر، فأما أدلة تحريم الصور ما عدا المستثنيات فكثيرة واضحة، في الصحيحين وغيرهما وتقدم بعضها. فلنذكر هنا أدلة الصور المستثنيات لشدة الحاجة إليها حيث إن بعضهم أهمل العمل بها، وحاول تأويلها على وجه بعيد، مع أن الحق إعطاء كل ذي حق حقه، فلا يهمل بعض النصوص من دون توجيه، فيجب علينا أن نعمل بكل نص على ما يقتضيه، فإذا أخرجنا الصور المستثنيات فقد جمعنا بين تلك النصوص على وجه لا إهمال فيه لبعضها، وبهذا تجتمع النصوص.
فمن أدلة جواز ما كان رقما في ثوب ما أخرجه مسلم في صحيحه عن بكير بن الأشج، أن بسر بن سعيد حدثه أن زيد بن خالد الجهني حدثه، ومع بسر عبيد الله الخولاني أن أبا طلحة حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة" قال بسر: فمرض زيد بن خالد فعدناه، فإذا نحن في بيته بستر فيه تصاوير، فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم يحدثنا في التصاوير؟ قال: إنه قال: "إلا رقما في ثوب"، ألم تسمعه؟ قلت: لا، قال: بلى قد ذكر ذلك.
فهذا الحديث قال الشوكاني: إن صح رفعه كان مخصصا لما رقم في الأثواب من التماثيل. اهـ نيل ج ٢ ص ١٩٦.
قال الجامع عفا الله عنه: قلت ثبت كونه مرفوعًا، فقد أخرج المصنف في كتاب الزينة رقم ٥٣٤٩ بسنده عن عبيد الله بن عبد الله أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده فوجد عنده سهل بن حنيف، فأمر أبو طلحة إنسانا ينزع نمطا تحته، فقال سهل: لم تنزع؟ قال: لأن فيه تصاوير،