من قال: إن الكلب غير نجس العين ينضح موضعه على الاحتياط؛ لأن النضح مشروع لتطهير المشكوك فيه، ولقائل أن يقول: إن امتناع الملائكة من الدخول في البيت الذي فيه الكلب أمر غير معقول لنا، إذ كل التعليلات التي ذكرت غير مسلمة إذ الخنزير أولى بالامتناع بوجوده (١)، وكذلك النجاسات الأخَرُ، مع أنه لم يرد نص عن الشارع ما يدل على امتناع دخولها بشيء من ذلك. أفاده في المنهل.
قال الجامع مفا الله عنه: هذا القول هو الأولى. والله أعلم.
(ولا جنب) ظاهره أيضا العموم، فيشمل من أصابته الجنابة أول الليل وأخَّر الغسل إلى آخره، لكن هذا العموم ليس مرادًا، بل المراد به من يتعود ترك الغسل، ويتهاون فيه إلى أن يخرج وقت الصلاة.
قال الخطابي: لم يرد بالجنب ها هنا من أصابته جنابة، فأخر الاغتسال إلى حضور الصلاة، ولكن يجنب، فلا يغتسل، ويتهاون به، ويتخذ تركه عادة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف على نسائه في غسل واحد، وفي هذا تأخير الاغتسال عن أول وقت وجوده. اهـ وأما الجنب الذي لا يتخذ
ذلك عادة له ولا يترك الاغتسال إلى أن يخرج وقت الصلاة فلا يمنع دخول الملائكة البيت الذي هو فيه، لما تقدم من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل تارة أول الليل، وتارة آخره، ومن أنه رخص للجنب أن ينام قبل أن يغتسل، أو يتوضأ، ومن أنه كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا كله على تقدير صحة زيادة "ولا جنب"، وإلا فالحديث بزيادتها ضعيف كما يأتي. ثم إنهم قالوا في حكمة امتناعها من الدخول: كون الجنب بعيدًا عن العبادة ممتنع التلاوة.
(١) في هذا الكلام نظر لا يخفى إذ الخنزير ليس كالكلب فإنه شرع في ولوغه التسبيع والتتريب بخلاف الخنزير. فتأمل.